السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

أبنتي عمرها ثمانية أعوام، طفلةٌ ذكيةٌ ومجتهدةٌ، ولكن لديها مشكلة، وهي أن إحدى صديقاتها تهددها في المدرسة، وهي تخاف منها كثيراً، ولا تعرف كيف تجيبها! فمثلاً: تقول لها سأشتكي بك إلى المعلمة إن فعلت شيئاً، كتكسير قلم، أو شيءٍ من هذا القبيل، وهي تخاف منها، لدرجة أنها أصبحت صديقةً لها رغماً عنها!

المرجو منكم أن تجدوا لي حلاً لهذا المشكلة، وكيف يمكن أن تواجه أبنتي هذا الأمر؟

 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته:

غالباً ما تكونُ العوامل التَّربويَّة وراءَ تشكيل شخصيَّة الأطفال، كالإفراط في الدلال والحرص، وفرض الحماية المبالغ فيها، كذلك عدم إتاحة الفرص الكافية للطفل لتحمل مسؤولياتٍ ومهامٍ تتناسب مع عمره في كل مرحلة، وفي أحيانٍ أخرى القسوة والقمع العاطفي، وعدم التَّدريب الكافي على مهارات التَّواصل المناسبة.

وفي حال افترضنا أن خوف طفلتك من زميلتها يعود لأيٍّ من العوامل السَّابقة، أو لسيطرة زميلتها ذات الشَّخصيَّة التي تفوق عمرها، فلابد من إعداد خطَّةٍ علاجيَّةٍ تقومُ على البنود التَّالية، وستكون ذات أثرٍ إيجابيٍّ في حل المشكلة بإذن الله:

البند الأول : أكثر الحلول فاعليَّةً وأقربها للتَّعرف على حقيقة الأسباب وراء هذا الخوف، هو زيارة المدرسة، وهي البيئة التي يظهر فيها سلوك الخوف، ولا بأس من المبادرة في طلب حصَّة مشاهدةٍ تراقبين فيها سلوك الطِّفلتين، وتتعرَّفين عن قربٍ على السبب الذي يجعل زميلة طفلتك قادرةً على السَّيطرة على شخصها، ولا يتطلَّب منك الأمر أكثر من ساعةٍ في نهار، وفي حال لم تتمكني من ذلك، عليك بالتواصل مع معلمة الصف لتقوم بهذا الدَّور عنك، وعند تعرُّفك على الأسباب سيكون العلاج أكثر مصداقيَّةً وشفافيَّة.

البند الثاني : الأطفال في براءتهم ونقاء قلوبهم مثل الثَّلج الأبيض، ليس لديهم دوافع سلبيَّة، ومصدر سلوكياتهم عفويَّةٌ على الغالب، فربما تواصلك مع الطِّفلة الزميلة، والتَّحدُّث إليها بعطفٍ وود، يقلب موازين العلاقة بين الطِّفلتين بشكلٍ فوري، ولو أنَّ هذا الحل مؤقت، في حال كانت طفلتك تُعاني من مشاكل في التَّفاعل والتَّكيُّف الاجتماعي بصورةٍ عامَّة، ولكنه خطوة لإيقاف استمراريَّة تعرُّض طفلتك للخوف على عجل.

البند الثالث : إعداد أنشطةٍ جماعيَّةٍ منزليَّةٍ لطفلتك في هذا العمر كفيلٌ بأن يقدِم لها حصيلةً من المهارات الاجتماعيَّة، وينمِّي قدراتها التَّفاعليَّة والتَّكيُّفيَّة لحمايتها ضد مواقف اجتماعيَةٍ سلبيَّةٍ مستقبلاً، فاحرصي دائماً على تخصيص أركانٍ من المنزل خاصةٍ للطِّفلة لاستقبال الأطفال من فئتها العمريَّة، واحرصي على إعداد هذه الأركان بما يلزم من أدوات اللعب الخاصَّة في تنمية المهارات، مثل سبورة، وقصصٍ مصورة، ودمى، وأدوات الطَّبخ، وأدوات المهن الأخرى، وركِّزي في هذا الجانب على ميول طفلتك الخاصَّة؛ لأنَّ ما تقدمينه لها الآن هو استمراريَّةٌ مستقبليَّةٌ لتشكيل أهدافها ورغباتها التي ستتمسك بها عند البلوغ، مع العناية بعرض هذه الأدوات بأساليب شيِّقةٍ تثير اهتمام طفلتك.

البند الرابع : من أكثر الجوانب فاعليَّةً في إكساب الأطفال الخبرات الاجتماعيَّة هو لعب الأدوار، ساعدي طفلتك أن تؤدي دوراً لك، أو أن تمثِّل دور الطَّبيب أو المعلِّمة، ووجهيها بشكلٍ مستمرٍّ حول أساليب التَّصرف السَّوي عند كل دور، ووجهي المعلِّمة في فصلها أيضاً للعناية بهذا الجانب، ومنحها فرصة القيادة لبعض المواقف التَّربويَّة في الفصل، وبذلك تقومين بإحلال سلوكٍ بديلٍ مكان الخوف والتحسُّب والرهبة من مواجهة الزُّملاء، ليصبح سلوكاً ضابطاً على المدى البعيد.

البند الخامس : اجعلي لطفلتك بصورةٍ يوميَّةٍ مسؤوليَّاتٍ ومهامٍ تُناسب قدراتها ورغباتها، دون أن تكون فروضاً، بل اجعليها رغباتٍ خاصَّة، وتصبح رغباتٍ عندما تحاكي ميولها الذي ستحدِّدينه أنت بخبرتك.

البند السَّادس: شجِّعي طفلتك على المشاركة في الأحاديث العائليَّة، وإبداء رأيها، ودعيها تخبرك دائماً عن خبراتها اليوميَّة التي تمر بها، وقبل أن تقدِّمي لها الحلول، دعيها هي من تضعُ المقترحات لحل المشكلات، ثم شاركيها في بعض الإضافات التي تُثري خبرتها وتقدِّم لها المزيد من الثِّقة.

البند السابع: تصبح شخصيَّة طفلتك أقوى عموماً عندما تعطيها الفرصة الكافية للخطأ وتصحيحه ذاتيَّاً، دون انتقاد، بل بالتَّشجيع، مع احترام قدراتها، وعدم مقارنتها مطلقاً بالأقران، كذلك مساعدتها بالتَّعرف على جوانب تميُّزها وطرق تنميتها، والإطراء على أدائها المتواضع؛ حتى يصل تدريجيَّاً للإتقان ومن ثمَّ الإبداع.

وأخيراً: لا تدعي يوماً يمر على طفلتك دون أن تشاركيها في إعطاء بعض النقود الى الفقراء بهدف الصدقة؛ لنيل رضا الله، أو إطعام فقيرٍ أو حيوان، واغرسي فيها حب عمل الخير، ومساعدة الآخرين، وتوجَّهي لله بالصَّلاة والدُّعاء لحفظها وحمايتها، وجعلها من المتفوِّقات الصَّالحات.

 

زينب نعمة الوزني / الإرشاد الأسري