السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هل أستطيع أن انمي ثقتي في نفسي , حتى وإن كنت في الطفولة عانيت القسوة كثيرا, لدرجة صرت لا أثق في نفسي أنني سأنجح في شيء ما, وHk أصاب دائما بالإحباط .. أفيدوني من فضلكم ؟

 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته : أختي العزيزة :

الثقة بالنفس هي إحساس الشخص بقيمة نفسه بين من حوله فتترجم هذه الثقة كل حركة من حركاته وسكناته ويتصرف الإنسان بشكل طبيعي دون قلق أو رهبة فتصرفاته هو من يحكمها وليس غيره .... هي نابعة من ذاته لا شأن لها بالأشخاص المحيطين به وبعكس ذلك هي انعدام الثقة التي تجعل الشخص يتصرف وكأنه مراقب ممن حوله فتصبح تحركاته وتصرفاته بل وآراءه في بعض الأحياء مخالفة لطبيعته ويصبح القلق حليفه الأول في كل اجتماع أو اتخاذ قرار . والثقة بالنفس هي بالطبع شيء مكتسب من البيئة التي تحيط بنا والتي نشأنا بها ولا يمكن أن تولد مع أي شخص كان .ولا يخفى عليكم أننا نسمع من أناس كثيرون شكاوى من انعدام الثقة بالنفس ويرددون هذه العبارة حتى أخذت نصيبها منهم !

و يجب أن نتعرف على أسباب انعدام الثقة بالنفس .... فعلينا قبل كل علاج أن نضع أيدينا على موضع الداء ثم نشرع بالعلاج المناسب له . وهناك أسباب كثيرة منها التالي :

1- تهويل الأمور والمواقف بحيث تشعري بأن من حولك يركزون على ضعفك ويرقبون كل حركة غير طبيعية تقومي بها .

2- الخوف والقلق من أن يصدر منك تصرف مخالف للعادة حتى لا يواجهك الآخرون باللوم أو الاهانة .

3- إحساسك بأنك إنسانة ضعيفة ولا يمكن أن تقدم شيء أمام الآخرين بل تشعر بأن ذاتك لا شيء يميزها وغالباً من يعاني من هذا التفكير الهدّام يرى نفسه إنسان مهان ويسرف في هذا التفكير حتى تستحكم هذه الفكرة في مخيلته وتصبح حقيقة للأسف . أختي العزيزة عليك اتباع هذه النصائح :

1- عليك أن تتوقفي عن اهانة نفسك والتكرير عليها ببعض الألفاظ التي تدمر شخصيتك مثل " أنا غبية " أو " أنا فاشلة " أو " أنا ضعيفة " فهذه العبارات تشكل خطراً جسيماً على النفس وتحطمها من حيث لا يشعر الشخص بها .. فعليك أن تعلمي أختي بأن هذه العبارات ما هي إلا معاول هدم وعليك من هذه اللحظة التوقف عن استخدامها لأنها تهدم نفسيتك وتحطمها من الداخل وتشل قدراتها إن استحكمت على تفكيرك.

2- اجلسي مع نفسك وصارحيها وثقي بأنك قادرة على التحسن يوماً بعد يوم .... عليك أن توقفي كل تفكير يقلل من شأنك ويجب عليك أن تعلمي بأنك إنسانة منتجة لم تخلقي عبثاً .... فالله عندما خلقنا لم يخلقنا عبثاً .... أنت لك هدف وغاية يجب أن تؤديها في هذه الحياة ما دمت حية على وجه الأرض .... الله سبحانه وتعالى عندما خاطب المؤمنين في القرآن الكريم لم يخص مؤمن دون الآخر ولم يخص مسلم دون الآخر ذلك لأن كل البشر سواسية ولا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى .

3- عزيزتي اقتناعك واعتقادك الكامل أنك حقاً إنسانة ذات ثقة عالية لأنها عندما تترسخ في عقلك فإنها تتولد وتتجاوب مع أفعالك ... فإن ربيتي أفكار سلبية في عقلك أصبحت إنسانة سلبية .... وإن ربيت أفكار ايجابية فستصبحين حتماً إنسانة ايجابية لها كيانها المستقل القادر على تكوين شخصية مميزة يفتخر بها بين الآخرين.

4- ويجب عليك أن تتسامحي مع من أخطأ في حقك أو انتقدك حديثاً أو قديماً ولا تكوني مرهفة الحس إلى درجة الحقد أو تهويل الأمور تأقلمي مع من ينتقدك وقل" رحم الله أمرء أهدى إلي عيوبي .... ليس كل من انتقدك هو بالطبيعة يكرهك هذه مغالطة احذري منها أختي كل الحذر لأن التفكير بهذه الطريقة يقود للشعور بالنقص وأن كل من يوجه لي انتقاد هو عدوٌ لي لا تشعري نفسك بأن كل ما يقوله الآخرون هو بالضرورة حق لا عليك أولاً أن لا تجعل هذا الشيء يأثر عليك بل تقبليه واشكري الطرف الآخر عليه واثبت له بأنه مخطئ إن كان مخطئ .... ولا تجعلي كلام الآخرين يؤثر سلباً على نفسيتك لأنك تعلمي بأن الآراء والأحكام تختلف من شخص لآخر فمن لم يعجبه تصرفي هذا لابد وأن أجد شخص يوافقني عليه وإن فشلت في هذا العمل فلن أفشل في غيره .... وكلام البشر ليس منزلاً كي أؤمن به وأصدقه وأجعله الفاصل.

5- ولا تعطي نفسك المجال للمقارنة بين ذاتك وبين غيرك أبداً احذري من هذه النقطة لأنها تدمر كل ما بنيته .. ولا تقولي لا يوجد عندي ما قد وهبه الله لفلانة ... بل تذكري أن لكل شخص منا ما يميزه عن الآخر وأنه لا يوجد إنسان كامل ولا بد أن تعي أيضاً أن الله قد وهبك شيئاً قد حرمه الله من غيرك ..... يجب أن تعيش مع ذاتك كإنسانة كريمة حالها حال ملايين البشر لك موقع من بينهم لا تعتقد بأنك لا شيء في هذا الكون بل أنت مخلوق قد أكرمك الله وفضلك على كثير من خلقه . إن الأشخاص الذين يعانون من فقدان الثقة بأنفسهم هم يفقدون في الحقيقة المثال والقدوة الحسنة التي يجب أن يقتدوا فيها حق الاقتداء ولنا في رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) أسوة حسنة وأمثلة عظيمة. ولا تنسي أختي أن القرآن فيه شفاء فالزميه ولا تبتعدي عنه واتبعيه وتوكلي على الله في كل أمر واعلم بأن الله بيده كل شيء فلا داعي للقلق من المستقبل أو الهلع من الحاضر فكل هذا لو اجتمع على قلب مؤمن ما هز في جسده شعرة وهذا دأب المؤمن وحاله في كل زمان ومكان .... هادئ البال .... مطمئنا لجنب الله، متوكل على الحي الذي لا يموت ... مرطباً لسانه بذكر الله ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) .

 

زينب نعمة الوزني مركز الإرشاد الأسري