السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...

اعتذرت لي صديقة بعد ان سببت الكثير من المشاكل في حياتي ، وقبلت اعتذارها ، ولكن ما زال من الصعب علي معاملتها كما لو أن شيئاً لم يكن ، فماذا أفعل ؟

وعليكم السلام أختي العزيزة ورحمة الله وبركاته .

بدءا ، فأنني أتفهم الأمر ، وأعي مدى صعوبة الموقف وتعقده ، ولكن لننظر إلى الأمر انطلاقا من القاعدة النبوية الذهبية " أحب لأخيك المسلم ما تحب لنفسك " ، ولنتخيل الموقف معكوساً ، فهل ستحبين أن تخبرك صديقتك أنها قبلت الإعتذار وتتظاهر كما لو أن شيئاً لم يحدث ؛ في حين أنها من الداخل ما زالت تشعر بالامتعاض لدى رؤيتك ؟ وهل تحبين أن يتم خداعك بمشاعر زائفة ؟ وهل سيشعرك ذلك بالرضا والسعادة ؟!

أعتقد أن جوابك سيكون بالنفي لكل هذه الأسئلة ، لأنكِ لا تفضلين أن تكوني مخدوعة بصديقة تعلن الود لكِ وتستبطن ما يعاكسه .

إذن ماذا أفعل ؟

قبل أن أجيب عن هذا ، سأوضح لكِ نقطة بسيطة قد تساعدنا على فهم الموقف أكثر، هنالك فرق بين العفو والمسامحة والصفح ، فالعفو يعني إسقاط العقوبة ؛ بينما تعني المسامحة ترك اللوم والتأنيب وتشمل الأحياء والأموات ممن وقعت العقوبة عليهم أم لم تقع ، أما الصفح فهو معنى جامع بين العفو والمسامحة، لذلك حين قبلت الإعتذار كان ما فعلتِه هو العفو لأن اللوم والتأنيب لم يسقط حينها .

وهنا يجب توضيح هذه النقطة للصديقة بكلمات رقيقة، بجلسة هادئة وإن كنت تعتقدين أن شخصيتها لا تتحمل الكلام المباشر، فلا ضير بتوضيح الأمر عن طريق الأفعال برسم حدود واضحة في علاقتك مع تلك الصديقة أو رسائل إلكترونية تشيرين فيها بحذر وعناية ولكن أيضاً بطريقة واضحة .

لكنها ستتألم؟

هل تظنين أن وجودكِ إلى جانبها وأنتِ لا تشعرين بالمحبة تجاهها سيسعدها ؟ أم حين تعلم أنكِ في واقع الأمر تسايرينها وتخدعينها ، وترضى بذلك ؟ وأنتِ بالطبع لا تحبين أن تكوني منافقة لأنكِ تجرأتِ وطرحتِ هذا السؤال .

نحن كبشر قد نتجنب مواجهة الحقيقة بتأجيلها مراراً وتكراراً بسبب التخوف من آثارها الجانبية كالإحراج والألم وغيره، إلا أن تأجيل أي مجابهة يولد سوء فهم لا يحل ، وتتفاقم الآثار الجانبية حتى لا يمكن حسرها وسيؤذي ذلك الطرفين كثيراً .

لذلك ابدئي من الآن واحسمي الأمر ولا تماطلي، فلنفسكِ عليك حق أيضاً ، وحقها أن لا تجبريها على إظهار ما ليس فيها من مشاعر، خذي وقتك بالكامل في التفكير في الموقف ، وأنهي ملف مشاكلك الخاصة التي سببتها لك صديقتك وأمح آثارها من حياتك ومن قلبك، حتى يأتي اليوم الذي تقولين لها فيه بكل ثقة : " لقد سامحتك ، يمكنني الآن أن أقف بجانبك كصديقة لن تخذلك أبداً " .

أدام الله الود والخير بين الأصدقاء وحفظ قلبك نقياً بعيداً عن النفاق .

سمانا السامرائي