السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...

  طفلي لا يحب اللعب مع الأطفال ، حاولت مرارًا تأنيبه وتغييره ، ولكن حالته قد ازدادت سوء ، فهو يحب اللعب مع أطفال في البيت فقط ، أما مع الأطفال الغرباء فلا يحب الاجتماع بهم ولا اللعب معهم ، وبخصوص مستواه الدراسي ، فهو يعرف إجابة السؤال الذي يطرحه عليه المعلم في الصف، لكنه لا يجرؤ على الإجابة ! أخشى أن يقلل هذا من سعادته ويضعف رغبته في الدراسة مستقبلا ، أو يُفقده حب الناس ؟ أفيدوني أفادكم الله .

        تعد مشكلة خجل الأطفال عارض نفسي له ، وهو ما قد يسبب قلقا شديدا للأبوين ، وهذه الحالة ليس نادرة ، إذ أثبتت الدراسات ان قرابة ( 36 % ) من الأطفال يعانون من ذلك .

وقد يتصف الطفل الخجول بالنشاط واللباقة والحيوية مع افراد أسرته ، إلا أن خجله وانطواءه يكون في أعلى مستوياته عندما يكون ثمة ضيف غريب في البيت ، وهذا قد يخلق للأبوين شكوك بتأثير ذلك على مستقبل شخصيته .  

        يعود سبب خجل الطفل الى خطأ في التنشئة وأسلوب التربية ، وهو ما يسترعي من الأبوين مراعاة ذلك قبل ان يتحول طفلهم الخجول الى شاب منطو على نفسه ويعاني ضعف الاندماج المجتمعي .

        وقد يؤدي ذلك الى آثار سلبية أخرى كالخوف والرهبة واضطراب الأعصاب، وانعدام الثقة بالنفس والخوف من القيام بأي عمل خشية الإخفاق ، وقد يجد الطفل صعوبة في التركيز فيما يجري حوله ، ولا يعرف كيف يواجه الحياة منفردًا ، وخاصة عند دخوله المدرسة ، وقد يشعر بعدم الرضا عن نفسه ؛ فلا يتجرأ على طرح الأسئلة خوفًا من الرفض أو الصد .

  وللحد من هذه المشكلة والسيطرة عليها قبل تفاقمها في نفسية الطفل ، يفضل مراجعة المتخصصين التربويين او أي باحث اجتماعي .

وأسباب خجل الأطفال كثيرة ، منها

ـــ   الوراثة : وهو ما يتعلق بفسلجة الدماغ عند الطفل المصاب بالخجل وما يهيئه ذلك من استجابة لمشاعر الإحباط والأخيرة بدورها ستجل منه مهيأ لتلك الاستجابة ، لذا فالعامل الوراثي والبيئة المحيطة لهما اثر كبير على الطفل فضلا عن الاضطرابات الانفعالية والعاطفية والحالات النفسية التي تعاني منها الأم خلال مرحلة الحمل ، ما قد يؤثر على نموه ، وتهيئته لظهور حالة الخجل لديه في مستقبل حياته .

ـــ   التنشئة : ومردها أن المربي قد يكون مسؤولا عن إصابة الطفل بالخجل دون أن يشعر ، من خلال بعض المواقف التي يعتقدها سطحية وبسيطة ، فضلا عن إبداءه لبعض الملاحظات غير الناضجة ، فقلق الأم الدائم والزائد على طفلها ولهفتها عليه من أكبر أسباب ظهور الخجل لديه ، كما أن الخلافات بين الأبوين قد تسبب مخاوف غامضة للطفل ، وتجعله غير آمن ، مما يؤثر على نفسيته ، فضلا عن تأثير القسوة عقابه على نفسيته ودفعه للخجل والانطواء  .

ـــ الغيرة : وينشئ ذلك من أسلوب المقارنة بين الطفل وأشقائه او أصدقاءه ، إذا كان متفوقًا في أي جانب من الجوانب وذلك بمدحه على ذكائه، أو حسن تصرفه وخاصة أمام الآخرين وهو ما يدفع للشعور بالحرج ، ويؤدي إلى إحساسه الشديد بالخجل .

ـــ   عوارض مرضية خاصة : كإصابة الطفل بردة اللسان " التأتأة او أي عيب خلقي او مرض مزمن ، وهو ما يشعر الطفل بالدونية مع نظراءه مما يدفعه بالابتعاد عنهم .

لذا ، عليك ان تتبني هذه القواعد النفسية وتراعيها في تربيته :

ــ    أشركيه في أداء بعض الأعمال التي تحتاجها الأسرة إشعارا منك بأهميته ووجوده واحترام قدراته .

ــ    وجهيه إلى ممارسة الأنشطة الرياضية بما يسمح له بتفريغ طاقاته السلبية .

ــ    نمي مواهبه الفنية والأدبية خصوصا الرسم أو او النقش او الكتابة او الخط او أية هواية اخرى لأن ذلك يشعره بالإبداع .

ــ    تجنبي المشاكل الزوجية أمامه لئلا يسبب ذلك له إعاقة اجتماعية‏.‏

ــ    ساعديه على الاندماج في المجتمع والاختلاط بأقرانه من خلال زيارتك للأماكن التي يتواجد فيها اقرأنه بما يدفعه للاندماج والتفاعل معهم

ــ    دربيه على طرائق تعامله مع الآخرين في المواقف الصعبة من دون سخرية أو تأنيب .

ــ    اعتمدي مبدأ الحوار البناء معه وبشكل مستمر ومفتوح بما يسمح له بإبداء رأيه بكل ثقة .

ــ    لا تتدخلي في الدفاع عنه في المواقف الخلافية بينه وأخوته وأقرانه .

ــ    تجنبي تعلقه بالألعاب الالكترونية ، كونها بيئة خصبة للانطواء خصوصا الحديثة منها والتي تحاول تغيبه عن عالمه ومحيطه .