السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

      انا ام عندي ابن يبلغ من العمر 18 سنة ، لا أعرف كيف اتصرف معه ؛ لأنه يخرج من المنزل ولا يعود الا للنوم , ولا يصلي , ولا يحب ان يسمع كلمة من احد ، وانا لا اعلم اين يذهب ومع من , فقد ترك الدراسة , ولا يتعامل معي الا بكذب , تكلمت معه بكلام طيّب وقدمت له كل ما يريد فلم يفد , استعملت معه القسوة فلم تفد ايضا ، ارجوكم ساعدوني .

وعليكم السلام اختي الفاضلة ...

      اشكر ثقتك فينا , وأسأل الله تعالى ان انفعك بهذه النصائح التي ستكون لها تأثير كبير ان اهتممت بها , وصبرت على تنفيذها .

ابناؤنا جزء منا , ونتمنى لو نراهم أفضل الناس , بل يكون طموحنا أن نراهم كاملين متميزين , لكن من المهم جدا أن نكون على دراية وقرب من كل مرحلة يمر بها ابناؤنا , ونتفهم فيها احتياجهم لتعطيهم الثقة بأننا نفهمهم ونشعر بما يشعرون به , والا فقدناهم , فأصبحوا يشكلون لنا عبئا وهما , وأصبحنا بالنسبة لهم أجسادا لا تفهم ولا تشعر !

فلا تتعاملي معه بما تعتقدين به انت , بل بما يعتقده ويحتاجه هو , ابنك ان فهمتيه لن تشعري بانه عجيب ؛ لأنه في مرحلة حرجة جدا , وهي مرحلة تتغير فيها هرمونات جسمه , ويتأثر تبعا لها مزاجه ونفسيته واحتياجاته , وهو في أشد الحاجة لدعمك النفسي وثقتك به .

فكل ما كتبته عن ابنك يعد من خصائص المراهقة , لكنها زادت بصورة مفرطة ؛ لأنه لم يجد الاحتواء والثقة أو الصبر على ذلك .

هذه المرحلة  تبدأ من سن 13 حتى سن 21  تجدينه فيها متقلب المزاج , دائم الضجر والاكتئاب , كثير الخروج والاعتراض والانطواء والعزلة ,لا يقبل النصيحة ولا الانتقاد , لا يستجيب لأي ضغط او اوامر , والتأثر بأصدقائه وبمفاهيمهم حتى ولو يكن مقتنعا بأفكارهم .

واليك عزيزتي بعض النصائح في التعامل معه :

  1. ادع الله تعالى بالهداية وصلاح الحال ، فدعاء الوالدة لولدها مستجاب , وثقِ بمعونة الله لك , وانه ابتلاء سيفرجه الله ان استعنت به .
  2. كوني على علاقة حب حقيقية مع ولدك , وكذا علاقة الاب مع ابنه ففي الغالب تكون على تقليدية فقط ؛ مثل شيء ما او تقبيل الرأس ... وهكذا , أو علاقة توجيهية تشمل أوامر ونواهي فقط , فيصبح هناك جدارا عازلا يمنع الابن أو الابنة من الرجوع الى أبيه أو أمه , والمطلوب وجود علاقة حب شاملة ( ود , وحنان , ومحبة , وتوجيه ) ، كان يعزم الاب ابنه والام ابنتها على طعام العشاء في حديقة المنزل أو في سطح المنزل , أو اخذ الشاي الى غرفته الخاصة به ليبدأ التحدث معه بالقصص والطرائف , فلا بد ان تكون علاقتنا مع الايجابيات لامع السلبيات فقط .
  3. امدحي المراهق ، تبدأ الصداقة بين الاب او الام والمراهق بامتداح شخصه , فيمدح الاب او الام تفكيره , وطريقته في التعليق على الموضوعات المثارة , وأسلوبه في فتح موضوعات معينه للمناقشة , وطريقته في القاء النكات , كما ويمدح شكله , وطريقته في الملبس ومدى الاناقة والجمال في اختياراته كلها لكن ، ليس ضروريا ان يكون ما نمدحه جميلا جدا او لافتا للنظر ؛ بل ان نمدح امورا عادية حتى نشجعه على الاستمرار في ممارستها ، ولا يصح ان نمدحه في امرا معيبا أو خطأ ، فضلا ما يحتاجه المراهق من شعور بالتقدير والثقة من الاخرين .
  4. أعطه الحرية من خلال اعطاء فرصة للحوار , والامر يعرض عليه ولا يفرض , والخطأ مقبول وليس خطيئة , ويحاسب على الخطأ , ويبقى حبنا لشخصه ولذاته .
  5. تجنبي النقد ، فغالبا ما يظهر تحدي المراهقين للكبار في أسلوب ونمط ملابسهم وتسريحات شعرهم المبتكرة والغريبة ؛ مما يسبب حالة استفزاز للأبوين , ويؤكد خبراء النفس ان حالة التمرد مظهر من مظاهر المراهقة , تعطي المراهق الاحساس بالاستقلالية والشعور بأنه كبر ؛ لذا يجب تجنب نقد مظهره .
  6. دعيه يتحمل المسؤولية ، إذ يجب ان يتعلم في هذه المرحلة تحمل المسؤولية من خلال أسلوب المحاولة والخطأ والتجربة واتخاذ القرار ات بنفسه .
  7. كوني حياديه في التفكير اذا استشارك ابنك في امر ما , وضحي له إيجابياته وسلبياته بإيجاز وموضوعية , وبكل حكمة , وانهي الاستشارة بجملة واحدة " افعل ما تعتقد انه في صالحك " .
  8. لا تنسي الهدية ، لما لها من فعل ساحر في نفس المراهق , والهدية من الاب والام تعني الكثير بالنسبة له , فهي تعني الاهتمام الشخصي , وتعني الحب , وتعني ايضا التقدير .
  9. ساعديه على التعبير عن الذات بالسماح له بالتعبير عن افكاره الشخصية , والاستماع لآرائه الناقدة بأذن صاغية , ومناقشته فيها , وعدم لومه أو الغضب منه بسببها , ومحاولة تصحيح ما يمكن تصحيحه منها في حال اقتناع الوالدين بها .
  10. تجنبي رفع الصوت اطلاقا ، أي عدم التفاهم في البيت بصفة عامة بصوت مرتفع , ونظر حاد للآخرين ؛ حتى لا يشيع هذا السلوك في البيت , ويعتاده الأبناء .
  11. لا تجربي معه اي اساليب قاسية كحبسه في غرفة ليوم او طرده من المنزل ، وما شابه ذلك ؛ فهي أساليب تزيد المشكلة أضعافا , وتشعره بعدم الأمان تجاهك .
  12. لا ترغميه على العودة الى الدراسة أو غيرها , بصورة مباشرة ، اخبريه هل هذا ما تحب ان تفعله بالفعل لأن الدراسة تعود بالنفع عليك وحدك لا على غيرك ، وانك تفكرين بمصلحته فقط ولحبك له , واخبريه بانك تثقين أنه سيتجاوز كل ما يمر به من آلام , أو بصورة غير مباشرة قومي بكتابة رسالة - يملأها الحب والحنان - عما سيعود عليه بالنفع ان التزم أو عاد للدراسة , وسيفكر ، وسترين منه أفضل نتيجة .

وفقك الله , وجعل أبنك قرة عين لك في الدنيا والاخرة .