مع بزوغ فجر جديد، حملتنا أقدامنا مرة أخرى إلى حكايات الواقع، ندور كعادتنا على أعتاب الطرقات، تحمل أناملنا ورقة بيضاء مدون عليها هوامش صغيرة توصلنا الى العنوان المنشود... إلى عائلة الشهيد حاكم كريم شعلان هذه المرة...

عند دخولنا بيت الشهيد، رأينا ملامح الحزن تعلو جدرانه وأركانه، فهنا صورة الشهيد معلقة على الحائط، وهناك صورة طفل يؤطرها شريط  أسود على الحائط المقابل، وثمة رف صغير وضعت عليه زيارة عاشوراء وسبحة وبقايا تربة صغيرة.

بيت كئيب لم تتخلله خيوط الشمس منذ زمن...

قمنا بنفض الغبار عن رفوفه، وفتحنا شباك الأمل، ريثما تصلنا زوجة الشهيد، التي بدت كأنها امرأة عجوز سُرق منها عكازها، لم يثقل قلبها ألم الفراق وحسب، بل شعرنا بألم أكبر يختبئ خلف إطلالتها الحزينة المنكسرة تلك.

جلست الزوجة تحدثنا عن زوجها البطل الذي ترك كل شيء خلفه دانياً للشهادة، وهنا تحديداً  تحول الحزن الذي يعلو وجهها إلى ابتسامة جميلة، غيرت أجواء كل شيء وطردت الحزن الذي سيطر على المكان، لكن ملامح الحزن تجددت مرة أخرى عندما قَلبت لنا صفحات الحاضر، فهي أم لبنت واحدة بعمر الزهور وثلاثة صبيان يعانون من مرض نقص الفوسفات (تأخر النمو) وتحمل في أحشاءها جنيناً خامساً لا زال في رحم الغيب لا يعرف ما الذي ينتظره، حياة مستقرة أم عالم متأرجح بين الأمن والخوف؟ وهل سيولد كأخوته معاقاً أم طفل سليم معافى؟ لا تزال النتائج قابعة في علم الغيب.

أما ابنها الوحيد المعافى، فقد التَقَفَتهُ أيادي القدر بحادث سير، فسكنت روحه الى جوار أبيه، ولم يترك لوالدته إلا صورة بوجه باسم معلقة على احد جدران المنزل.

بهذه الحالة ترك حاكم زوجته وعائلته وظروف قاسية، ليلتحق بركب المجاهدين تلبية لنداء المرجعية الدينية، خرج من داره وهو يروم الشهادة لا غير.

أخيراً... أنهت كلامها عن فضائل زوجها؛ حتى أحسسنا أنها لن تنتهي، فبدأت قلوبنا تفر قبل الكلمات لمواساتها وطمأنتها بأنها وأولادها ستكون في ظل رعاية الحسين عليه السلام وأمانته الكريمة وفوقهما عين الله التي لا تنام، فنحن ـــ خَدمة الحسين عليه السلام ـــ قد نبضت قلوبنا بالخير فصرنا ندخل البيوت والقلوب،  نفتح شبابيكها لتدخل إشراقه شمس وإطلالة أمل.

 

نغم المسلماني / مركز الحوراء (عليها السلام )