بدا كل شيء واضحا ... وكأن كل شيء لم يكن غامضا بالأصل ، أنعم بروح هادئة ... مفعمة بالأمل ، لحظاتي مكللة بنشاط دائم وعطاء زاخر ...

بدا حلما ... حلم جميل .. وذلك المكان !! إلى هذه اللحظة ، وأنا انعم بذلك الهدوء الذي عشته في ذلك المكان كروضة مزهرة بأنواع الزهور والرياحين .

وذلك العبق الأخاذ الذي يأخذ بتلابيب الروح ، فتعيش في أمان ، بعيدا عن كل ما يعكر صفوها وهدوءها ، تعود إلى سيرتها الأولى من النقاء ... روح سامية حقيقتها من روح الله ...  وأي شيء أكثر نقاء من قلب أزهرت وأينعت ثمار عطائه بذكر المحبوب المطلق .

كنت هناك بجسد وروح ... كنت أشعر بشعور غريب وجميل في آن واحد ، لم يكن ذلك المكان مألوفا ، لكنه كان يشعرني بالطمأنينة ، ومع اني كنت اجهل سبب تلك الطمأنينة فالإنسان بطبعه عدو ما يجهله ، إلا أنني كنت أحسبه بيتا ، عشت فيه عمرا بأكمله في تلك الروضة .

كان هناك بيت صغير ، بدا وكأنه بيتي ، وبينما كنت مستغرقة برؤية ما حولي ؛ تهادى لي ان رسول الله محمد صلى الله عليه واله جالسا في إحدى غرف تلك الدار ، واخبروني ان اذهبي حيث هو .

صار المكان يعج بالناس بعد إن كان خاليا ، وأضفى نبأ وجود النبي المختار على ذلك المكان نكهة اخرى .

حيث المكان يحمل طابع الجمال والسكينة ، صار يبعث على الراحة أضعاف المرات ويهيئ تحفه الطهارة من كل جانب ، وكأن أعمدة النور اتخذت منه مركزا .

لم اعد أفكر في ذلك المكان ، وتلك الروضة جل ما يشغلني ان أرى ذلك النور الذي أضاء المكان بأسره .

كنت أخطو بحذر نحو تلك الغرفة ، تبادر إلى خاطري أن اذهب هناك ، فلربما كانت لي حاجة ...

واقعا ... الكل كان يقص تلك الغرفة لغرض ما في نفوسهم ، وبعد كل هذا الحذر استجمعت كل قوتي لأدخل ، لكني لم أكن ارى شيئا لشدة الضياء المنبعث من تلك الغرفة ، وكأن كل شيء في تلك الغرفة قد خيط من النور .

خارج ذلك المكان ، لم يكن أقل بهاء من داخله ! لا عجب إن تكللت أرض تلك القفار بنور سماوي أودعه الله تعالى في أصلاب طاهرة وأرحام مطهرة ... حيث ملأ نوره المبارك مساحة واسعة من الجزيرة العربية وسقطت الأصنام على وجوهها ...

وكيف لا ؟ وهو خاتم الرسل المبعوث رحمة للعالمين...  لا عجب إذ أضفى ذكر اسمه المبارك أريجا أزكى عطرا من كل عطور زهور الأرض ...

لبرهة ... كان ذلك المكان أجمل ما رأت عيني ...

السلام على حبيب آله العالمين محمد المصطفى وآله الطيبين الطاهرين .

 رشا عبد الجبار ناصر