خفايا وأسرار قد تواجه المرأة خلال مشوارها الطويل في تأدية دورها الذي تجلى في بناء ورعاية الأسرة، حيث تكون عمودها الفقري القائم على أوتار ثباتها واستقرارها، خاصةً مع المسؤوليات الكثيرة للرجل وغيابه الطويل عن مسرح المواقف اليومية، مسؤولية عظيمة بكل المقاييس هي تنشئة الأجيال وإفناء العمر في تقديم جل الممكن والمستطاع كي تؤدي تكليفك على الوجه الأمثل، سيما وقد يتخلل ذلك الدور الكثير من الصعاب والمواقف الاستثنائية التي تحول دون أداء تلك المهمة  لترى العجز يتملكك، هذا ما يحدث للأمهات حين تعترض طريقهن بعض الأعراض والأمور الغريبة كالأمراض العصبية والعقلية التي قد تصيب الأطفال دون أن يكون للأم أدنى فكرة عن ماهيتها، حيث تمتد أياديهم الناعمة برفق كي تطرق براحتها الصغيرة على أبواب الصمت، فيما تحاول أن تُسمِعَ ما حولها ان لها همساً خفي على الأذهان يحكي قصص ألم صامت .. ففي مثل تلك الحالات لا يملك الطفل القدرة الذهنية السليمة لإبراز أوجاعه سيما مع عدم شعوره أنه مختلف عن الآخرين ومن أهم الأمراض التي قد تواجه الأم في رحلة رعايتها لأطفالها هو مرض التوحد الذي أصبح مرض العصر فقد بدأت نسبه بالتزايد مع مرور السنين، ما هو التوحد وماهي أسبابه وأعراضه وطرق علاجه، ها أنا أضع بين يدي كل أم هذه المعلومات العامة عن مرض التوحد ليمكنها التعرف اليه : 

مرض التوحد:

التوحد أو (الذاتوية Autism): هو اضطراب النمو العصبي الذي يتصف بضعف التفاعل الاجتماعي والتواصل اللفظي وغير اللفظي، وبأنماط سلوكية مقيدة ومتكررة  وتتطلب معايير التشخيص ضرورة أن تصبح الأعراض واضحة قبل أن يبلغ الطفل الثلاث سنوات من عمره، تم اكتشاف هذا المرض منذ فترة قصيرة وذلك عام 1944م، حيث بدأت منظمات الصحة العالمية بإجراء إحصائيات سنوية لتسجيل معدل الحالات ليجدوا انَ نسبة الإصابة بمرض التوحد أضحت  في تزايد مستمر فقد سُجلت في السنوات الأولى من العقد الثالث لهذا القرن نسبة الإصابة بـ 6 طفل مصاب من أصل 1000 سليمين، ولوحظ أيضاً أن الذكور هم الجنس الأكثر إصابة

أسباب مرض التوحد : لم تتوصّل الدراسات إلى الأسباب الرئيسيّة الكامنة وراء إصابة الطفل بالتوحّد، ولكن آخر ما توصّلت إليه البحوث التالي :

وجود نوع من الاشتباكات العصبيّة الكثيرة التي تتلاقى فيها الخلايا العصبيّة، وذلك يؤدّي إلى وجود الطفرات المسبّبة لمرض التوحّد، وقد يسبب جود خلل في الجينات الّتي يحملها المصاب، فهذا الخلل يعمل على ظهور الاضطرابات المختلفة في حال كان هو السائد.

بعض العوامل البيئيّة؛ حيث تشير الدّراسات إلى أنّ هناك نوع من الفيروسات الّتي تحفّز الإصابة بمرض التوحّد، وبعض الأنواع من الأطعمة والمعادن، والتدخين وتناول الكحول.

وجود العوامل البيولوجيّة مثل: التخلّف العقلي، والإصابة ببعض الأمراض.

وجود العوامل الوراثيّة؛ فالعائلة الّتي تحتوي على طفل مصاب بالتوحّد نسبة إصابة الأطفال الباقين لديها بالتوحّد أعلى، كما أنه وجِد أنّ بعض الجينات الموروثة لها دور كبير في ظهور التوحّد.

وجود مشاكل أثناء الولادة قد تكون هي المسبّب لمرض التوحد. مشاكل في الجهاز المناعي لدى الطفل.

عمر الوالد قد يكون من المؤثّرات في الإصابة بالمرض؛ فكلّما كان العمر أكبر كانت النّسبة أكبر في إصابة الطّفل بالمرض. كما أنَ إصابة الذكور بالتوحد أكبر من نسبة إصابة الإناث.

أعراض المرض: يجب على أي أم التعرف على الأعراض التي يمكنها ملاحظتها على طفلها والتي تستشف من خلالها أن وليدها قد يكون مصاباً بمرض التوحد حيث تبدأ بالظهور من عمر الستة أشهر وفي عمر السنتين أو الثلاث سنوات تكون واضحة جداً ويمكن تمييزها وهي :

_عدم التواصل البصري للطفل عند تناول الطعام أو شرب حليب الأم .

_لا يستجيب لأي صوت مألوف أو إلى اسمه بالإضافة لعدم الابتسام مطلقاً مع الأم أو الأب أو الأشخاص المتواجدين بجانبه باستمرار .

_لا يقوم بأي صوت مما يصدره الأطفال عادةً، ولا يطلب حمله بل يفضل البقاء جالساً، فلا يطلب أي مساعدة حتى من الأم.

_عند وصوله لعمر الستة شهور لا تظهر عليه علامات التفاعل والابتسام والمرح    كما الأطفال في عمره  . 

_عند وصول الطفل عامه الأول لا يستجيب لاسمه ولا يهتم بتاتاً لأحد يناديه ولا يحاول الكلام أو إصدار الأصوات ، ولا تظهر أي حركة إيمائية من قبل الطفل المصاب بالتوحد كالتلويح باليد ومد الرجلين والذراعين كما يفعل الأطفال الطبيعيين بعمره .

_عند وصوله لعامه الثاني لا يحاول أبداً تكوين أي عبارة ولا يحاول التكرار والتقليد .

_يجد الصعوبة في البقاء بمكان واحد فيتحرك بعشوائية وبطريقة غير طبيعية ويواصل الانتقال من مكان لآخر .

_لا يستجيب للألم ولا للضوء بطريقة طبيعية ، فيمكن أن يكون قليل الشعور بالألم

_ يصاب بنوبات غضب فجائية عدوانية على الأغلب ، خاصة بتغيير نشاطه اليومي أو تغيير طريقة بسيطة في حياته ومعيشته ، فهو يحب أن يتكيف مع طريقة واحدة ولا يحب التغيير .

_أغلب الحالات تعاني من عدوانية شديدة جداً باتجاه الغرباء وفي بعض الحالات يكون عدواني على نفسه أو أسرته .

_صعوبة التكلم بشكل طبيعي وتكرار نفس الكلمات. عدم التواصل الاجتماعي مع الآخرين، وصعوبة التفاهم مع الطفل وتعليمه الصواب مِن الخطأ. الاهتمام بأشياء محددة وتكرارها باستمرار وعدم الاهتمام بتعلم أي شيء جديد.

_الصراخ الدائم والمتواصل بسبب وبدون سبب

علاج التوحد:

لا يوجد علاج شاف من مرض التوحّد عن طريق الأدوية والعقاقير لعدم معرفة السّبب الرئيسي المسبّب للتوحّد وذلك لوجود العديد من الاضطرابات خلال هذا المرض ولكن يتمّ تأهيل المصاب والأهل والبيئة المحيطة للتأقلم مع الحالة؛ حيث يتمّ تعليم هؤلاء الأطفال السلوكيّات المناسبة وطريقة التّعامل مع غيرهم، كما يتمّ تعليمهم الاعتماد على النفس، ومحاولة نطق الكلمات والحروف، وتكوين الجمل والتّعبير عمّا يجول في خاطرهم وتقدير الحالة النفسية للطفل، وشغل الطفل عن الحركات النمطية، وأيضاً تدريب الطفل على الدفاع عن نفسه وتقبل التغيير .

 

نغم المسلماني