يسعى كل انسان لتحقيق غايته في الحياة ضمن حدود وقوانين الدين والمجتمع حيث يمثل المجتمع حلقة الوصل لسلسلة العلاقات الإنسانية بكل أشكالها، ولعل أهم وأبرز علاقة إنسانية يتوجب الإشارة اليها هي الزواج، فهو كيان مستقل يشكل نظام مجتمعي صغير يتمثل بالأسرة، حيث ورد في هذا الصدد مجموعة من الآيات المباركات التي وصفت هذه العلاقة وصف غاية في الروعة، إذ أشار جل وعلا إلى ذلك الرباط المقدس بقوله تعالى (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم ازواجاً لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)، وأهم ما أشارت له الآية الكريمة بأن صفتين إذا ما توفرت بين الأزواج من شأنها أن تكون صمام الأمان لاستقرار واستمرار الزواج وهما المودة والرحمة، وهي صفات إلهية فسبحان الودود الرحيم.

ولكن السؤال هنا: هل في ظل الحياة المعاصرة ومع كثرة الضغوط التي تمر بها العلائق الزوجية يمكن ان يحافظ الشريكان على المودة والرحمة بينهما؟

حيث أشار الله في نهاية الآية الكريمة (إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)، والتفكر هنا هو اشتراط العقل للحفاظ على ما جعله الله تعالى بينهما من مودة ورحمة.

حديثنا هذا لا ينصرف الى مجمل المشاكل الزوجية، فبعضها له أسباب واقعية ومنطقية، وحلها يكمن بما حلله شرع الله سبحانه بأبغض الحلال وهو الطلاق، وبالمقابل أن معظم المشاكل الزوجية يظهر فيها تغييب كامل للعقل، فلا أسباب منطقية لها، وأسبابها أقرب إلى السطحية، ومن توافه الأمور.

الغريب في هذه المشاكل أنها تنتهي أحيانا بالطلاق، فأصبح هذا الموضوع يمثل ناقوس الخطر الذي يقرع بصوت عالي في مجتمعاتنا المحافظة في وقتنا المعاصر، فإحصائيات الطلاق تنبئنا عن نسب مرتفعة مقارنة بالزيجات السابقة، وهو مؤشر اجتماعي خطير ستكون له آثار سلبية على عموم المجتمع ماديا ومعنويا.

ولعل ابرز حلول تلك المشاكل هي رفع منحني الثقافة التي تفتقدها بعض الزوجات بسبب أعمارهن المبكرة بالزواج، وتركهن للدراسة، مما يستوجب منح هذا الموضوع أهميته القصوى بتبنيه بشكل مخطط ومنظم من خلال المنظمات والمؤسسات التي تتبنى الأسرة وافراها مادة لها خصوصا تلك التي تمنهج عملها بالتوجيه والإرشاد الأسري والنفسي والثقافي، وبذلك سيجني المجتمع ثماره من خلال خلق منظومة فكرية نسوية تتضمن سلوكا ايجابيا في المعاملة مع الشريك وتربية الجيل الجديد. ولا يكون ذلك الا بعد اعتماد هذه المنظمات والمؤسسات في مندرجات خططها التطرق للنموذج الرائع لسيرة نساء أهل البيت عليهم السلام، فعلى كل امرأة مؤمنة أن تلتزم بسلوك نساء أهل البيت، وأن تقتدي بهن، فعن النبي صلى اللّه عليه وآله قال: "الحج جهاد كل ضعيف وجهاد المرأة حُسن التبعل"، وعن أمير المؤمنين عليه السلام: "جهاد المرأة حسن التبعل"، وهذا القول الشريف بمثابة دعوة لكل النساء لمعرفة عظم ومنزلة الزواج عند الله سبحانه وتعالى، فان صلحت المرأة في زواجها كانت اقرب في طريقها إلى الجنة.

ونهاية القول أن موضوع المشاكل الزوجية هو موضوع شائك ومعقد، وقد ﻻ تجدي معه معظم الدراسات الحديثة والحلول التي تطرقت لها، بسبب اختلاف الحالة والظروف الملمة بكلا شريكين لكن وبالعودة الى المنهاج الحق وهو القرآن الكريم وأحاديث أهل البيت واعتمادها كحلول وسلوك وثقافة علينا الاقتداء بها سيكون من الممكن جدا ان نعبر بالعلاقة الزواجية الى البر الأمان، ونكسب بذلك السعادة والراحة في الدنيا ورضا الله في الآخرة.

 

ايمان كاظم الحجيمي