لم يعد مصطلح التنمية البشرية غريبا على مسامعنا فأينما ذهبنا نقرأ ونشاهد عبارات تحفز الفرد على أداء إنساني أفضل. ولا سيما وأننا في عصر الاتصال الإلكتروني لذا فأن المعلومات تنتقل بغاية السهولة لمجاميع هائلة من المتلقين وما يحدث إننا يمكن أن نستقرأ النتائج من خلال تفاعل الأشخاص مع المعلومة أو الخبر بل يمكننا فرز ميولهم ونشاطهم الفكري والوضع النفسي وأمور أخرى كثيرة عبر متابعة مكثفة لمجموعة من الأشخاص وطرحهم لاحقا كنموذج حي لأثبات مبدأ التأثير والتأثر .
نوع المعلومة وطريقة طرحها وارتباطها بالمشاهد الحية يمكن أن تغير مسار الفرد تدريجيا ومن المربك في عصر المعلومة الرقمية التي يمكن أن (تحتمل الخطأ أكثر من احتمالها الصواب) أن رواد مواقع التواصل الاجتماعي من مختلف الشرائح العمرية ومختلف الثقافات وبالتالي فأن تقبلهم لأي معلومة لا يقتصر على استعدادهم في تحليل الأمور بل على التأثر بالتفكير الجمعي. واحيانا يتم نقل المعلومات دون أدنى أدراك لأبعاد المعلومة أو تقصي الحقيقة. وفي مجال التنمية البشرية هناك مفاهيم خاطئة ومخالفة للتنمية الإنسانية لكنها تصل للمتلقي على إنها أفكار تمنح الشخص حياة أفضل في حال اعتمادها. وبالرجوع إلى أصل هذا المصطلح وهدفه الحقيقي (التنمية البشرية) نجد أن الدين الإسلامي بل جميع الأديان السماوية وجدت من أجل السير بالإنسان نحو التكامل والسمو وما جاء به القرآن الكريم في خصوص تنظيم حياة الفرد دليل على إن مفردة تنمية ليست معاصرة ولم يأت بها فكر خلاق بل هي ترجمة حقيقة لدستور ألهي متكامل لذا فأن أي معلومة تنموية تتعارض مع نص قرآني ستكون حجر عثرة في حياة الأنسان والمؤسف إن غالبية الأشخاص يندهشون من بعض عناوين التنمية وطريقة عرضها دون أن يتأكدوا من صلاحية الغاية التي تختفي وراء ذلك الطرح التنموي .
ولمصطلح التنمية البشرية وجه مثالي من وجهة نظر عصموية. فما بعد القرآن الكريم جاءت أحاديث الرسول (صلى الله عليه وآله) من ثم أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) لتؤمن للفرد مسار دقيق في وجهته الحياتية بغية تصويب الأخطاء الاجتماعية والسياسية وانعكاسها على عبادة الله عز وجل والتي هي نتائج ترسبات أفكار الجاهلية. فنجد أن كل حديث شريف يعد درسا وربما منهجا تنمويا متكاملا . والدليل على قولنا إن الجامعات الكبرى في الغرب والتي تخرج العلماء في مختلف المجالات تضع شعارات على مدخل الجامعة أو تروج لطرائق النجاح بحديث نبوي أو عصموي لتنطلق منه نحو الشروع إلى نتائج مثالية في المعرفة العلمية والانسانية .
أجرى الكثير من الباحثين في مجال التنمية دراسات مقارنة بين المعلومات التنموية التي وصلتنا من الغرب وبين الطرح التنموي القرآني والعصموي ومن اللافت أنه لا يوجد تطابق بين بعض الأهداف التنموية المعاصرة وبين حقيقة هدف التنمية الانسانية ومن هنا لا بد من مراجعة كل معلومة قبل تطبيقها واعتمادها في أسلوب حياتنا اليومي. 

 

إيمان كاظم الحجيمي