يحتاج  الأطفال إلى معاملةٍ خاصّةٍ، لما لتربيتهم صغاراً أثرٌ كبيرٌ في تحديد طباعهم، فهي تتشكّل وترسّخ في سن الطفولة، وتمتدّ هي نفسها لباقي حياتهم، وإذا كانوا ذوي شخصياتٍ عنيدةٍ وغير مطيعةٍ وعدوانيّةٍ، ولا تميل للهدوء على وجه الخصوص، فعلى الوالدين الأم والأب كليهما أن يعاملا طفلهما سواء كان ذكراً أم انثى معاملةً رقيقةً ولطيفةً وليّنةً مبنيةً على التفاهم، فالقسوة والعنف والصراخ كلها تؤدّي إلى نتائج عكسيّة، وتشعل فتيل العدوانيّة والتمرّد أكثر، كما أنّ تشجيع الطفل يضمن تعزيز ثقته بنفسه وقوة شخصيّته، وبالتالي زيادة شعوره بحب وتقدير من كان السبب في دفعه للأمام وهما والداه، بالإضافة إلى اتّباع ثقافة الحوار، التي تبعث في نفس الطفل شعوراً بأنّ رأيه مهمٌ وفاعلٌ، وبأنّ والديه مهتمّان بأن يعرفا وجهة نظره في موضوع ما، وبالتالي فإنّه تبعاً لذلك يشكّل جزءاً مهماً من حياتهما، وأنّ له شخصية مستقلة، وهذا الأمر الذي يشغل باله طوال الوقت، فالطفل يحبّ أن تكون له شخصيةٌ واسمٌ مميزٌ يخصه وحده، لا أن يكون تابعاً لأحد، والحوار ينمّي شعور الاحترام، وتقبّل الآخر المختلف عنه، ويعزّز تبادل الخبرات، فيستفيد الصغير من حكمة الكبير، وتتجدّد حياة الكبير بأفكار وإبداعات ومرح الصغير.

ويُعدّ العقاب المناسب عند الخطأ والخروج عن الصواب مهم جداً في تربية الأبناء، فالعقاب رادعٌ يقوّم الطفل، مع الحرص على بيان سبب العقاب له، وألّا يكون قاسيّاً يكسر نفسية الطفل، ولكنه في الوقت نفسه يمنعه من الإساءة لأحدٍ طوال حياته، أو تكرار الخطأ نفسه أو ارتكاب غيره من الأخطاء، فيكبر وفي داخله ميزانٌ يزن الأمور السيئة والجيدة، مع حب كبير لأبويه اللذين أرشداه إلى الطريق الصحيح، كما أنّ المكافأة عند فعل الأمور الجيدة والمميّزة تدعم الأبناء معنويّاً، وتدفعهم لفعل الخيرات طوال حياتهم، بالإضافة إلى إبعاد أبنائهم عن رفاق السوء الذين يخرّبون حياة الإنسان بسلوكيّاتهم الخاطئة، فهذه الأمور وإن كانت مزعجةً للأبناء وهم صغار، إلا أنّهم سيكتشفون نفعها كباراً في مستقبلهم.

ولا شكّ في أنّ توفير كافة احتياجات الأبناء، وما يحبّون من الملابس أو الطعام أو الألعاب أو الكتب حسب رغبة كلّ طفلٍ أمر مهم جداً، حيث يختلف الأطفال من طفلٍ لآخر، وينمّي الوالدان بذلك شعور الحب داخل الطفل لهما؛ لاعتقاده بأهميّته وأهميّة رغباته لديهما، فتركيزهما على الأمور المفضلة لديه تجعله يقدرهما ويحبهما.

 

د. أيمان الموسوي / مركز الإرشاد الأسري