بداية ، فأن الذكاء مسألة قابلة للتنمية والتطوير ، كما إنها قابلة للتقهقر والانحسار ، وليس للعقل ـــ أي عقل ـــ حدود ، عكس ما كان مشاع من ان هناك عقل صغير وأخر كبير ، مما سيطر على الكثيرين بل ومنعهم من تطوير قابليتهم العلمية والذكائية .

وقد أشارت الدراسات المتعلقة بتطوير الذكاء والتنمية المعرفية الى أن الذكاء يبدأ لدى الفرد منذ طفولته وهو متعلق جدا بفعالياته الحركية والحسية ، وهذا بحد ذاته داعي لضرورة تنشيط واستثارة حواسه الخمسة وخلق بيئة تفاعلية له بما يمكنه من تنشيط تذاكيه وذكاءه  .

وخلاصة ذلك هو أن الذكاء يعتمد الى حد كبير على المران العقلي والمهارات الفكرية ، وهي دواعي كفيلة في تعديل طرائق التفكير بل وربما إعادة هيكلة النسيج التشريحي للمخ ، خصوصا في سنوات العمر الأولى بما يسمح بمتمازج العوامل المؤثرة في الذكاء من بيئة ومؤثرات وراثية ، لأن الأصل في عمليات العقلنة والذكاء هو واحد من أمرين ، إما تنشيط خلايا الدماغ بالنشاط العقلي او تركها للموت ، أي ان هنالك علاقة طردية بين النشاط العقلي للمخ ( كثافة المعلومة ) وكفاءة المخ ، وتزداد هذه الكفاءة بشكل طردي أيضا مع الخبرة المكتسبة من البيئة وطرائق إثارة التعقلن في المخ .

وبخصوص ما كان سائدا من وجود مخ صغير قبالة أخر كبير ، فقد اثبت الدراسات الفسلجية بأن حجم الدماغ ليس له علاقة بالذكاء ، وأن منطقة العقلنة فيه لا يحدّها حجم ، كما ان أنواع الذكاء ( المنطقي الرياضي ، المكاني ، اللغوي ، الموسيقي ، الجسمي الحركي ، الشخصي ، الاجتماعي ) تثبت انه ليس آحاديا مما يجعل الفرق بين الأشخاص عليق بنوعية هذا الذكاء وليس في مقداره ودرجته ، مع ان هذه الذكاءات قابلة للتنمية والتطوير من خلال البيئات الملائمة لها ، فضلا عن المران والتدريب ، وقد يتفرد احدهم بنوع ما منها دون الأخر وربما اكثر بل وقد يجمعها كليا .

 

وحديثنا عن التنمية البشرية للطفل ـــ وعملية تنميته المعرفية جزء من ذلك ـــ وتكون من خلال هذه الخطوات :  

ـــ       الحضانة الملائمة ، ونقصد بالحضانة هي البيئة المكانية والزمانية والتحفيزية للطفل .

ـــ       المتعة ، ليكن بحسابك أن متعة الطفل ومرحه حافز أخر للتنشيط المعرفي وبالتالي فأنك غير مجبرة على ضخ سيول معارفك بثوب الجدية والتزمت على طفل لا يتعدى عمره أصابع اليد الواحدة ، لأن ذلك سيرهقه وربما ينفره ، لذلك فأن إمتاع الطفل ومرحه اكبر حافز له على التعلم .

ـــ       اللعب ، اللعب هو الأخر مؤثر قوي في تنمية ذكاء الطفل خصوصا في الألعاب المركبة والمثيرة للتفكير ، ونفس الأمر ينطبق على اللعب التخيلي والذي يفسح المجال له بالتحكم بخياله وتخصيبه بأفكار بناءة وهو ما سيفيده لا محالة في تطوير ذكاءه اللغوي والاجتماعي  .

ـــ       حب الاستطلاع ، إذا كان طفلك من النوع الفضولي وممن يتميز بحب الاستطلاع ، فما عليك إلا استثمار هذه الميزة من خلال إجابتك على فضوله وترك بعض أسئلته لغرض تحفيزه على ربط الأشياء ، مع ضرورة ان تكون إجاباتك غير نهائية ولا مغلقة إنما تحفيزية لأسئلة أخرى .

 ـــ      الانتباه ، دربي طفلك على دقة التلحيظ والانتباه للجزئيات الصغيرة من خلال لفت نظره لها واحتمال تعلق كبريات الأشياء بهذه الصغائر كي يبدأ بالانتباه لها في المستقبل .

 

خلاصة مقالتنا التنموية هذه ، هي ان منحك الطفل الحب ، فرصة التجربة ولذة الاكتشاف ، السعادة ، المتعة ، النشاط الحركي والحسي ، عوامل ستجعل من طفلك مميزا بذكائه .

 

بلاسم الشمري