تعاني مئات العوائل المهاجرة ؛ بل الآلاف منها ، في بلاد المهجر ، من قوانين تلك البلاد المغايرة لمعايير المجتمع الشرقي وقوانينه المستمدة غالباً من الدين والعرف ؛ حيث يفرض كل مجتمع قوانينه على مواطنيه ويفرض على قاطنيه من اللاجئين والمبتعثين وحتى المستثمرين غير الحاملين لجنسيته ؛ قوانين تكون أكثر صرامة وتعقيداً ؛ وغالباً ما تواجه هذه الأسر عرقلة في مفاهيم الحرية والمدنية في تلك الدول حيث تبرز خطورة تلك القوانين المفروضة على المغتربين فيما يخص تربية الأطفال وطرق التعامل معهم .

وقد سُجلت حالات كثيرة تم فيها سحب الأطفال من عوائلهم بعد تلقيهم لبعض الشكاوى من الجيران عن سوء تعامل الأسرة مع أطفالها حيث يتم نقل هؤلاء الأطفال الى مؤسسات اجتماعية وتأهيلية ، وفي حالة إدانة الوالدين بسوء المعاملة للأطفال يتم تسليمهم لاحقا لعوائل أخرى تتبنى هؤلاء الأطفال بأوراق رسمية وفي بعض الحالات يتم تنصير البعض في مؤسسات كنسية .

وقد أمسى التفكك الأسري في الغرب ؛ شبحاً يراود العوائل المغتربة ! فبالرغم من التطور الفكري والمعرفي والاجتماعي في تلك الدول ألا أن قبالته هناك انحلال وتداعي في المفاهيم الأخلاقية ، وبطبيعة الحال فأن الطفل والمراهق يكون المستهدف الأكبر لهذه التداعيات ، حيث تواجه الأسر صعوبة بالغة في توجيه أبناءها والسيطرة على سلوكهم الذي غالباً ما يتأثر بالبيئة والجو العام لأي مجتمع يحتكون به .

بعض المراهقين يقررون الاستقلال بالسكن ، والقانون في تلك البلاد يكفل لهم ذلك بداعي الحرية ، وطبعاً رغبتهم هذه تكون نتيجة لانفتاحهم على المجتمع الغربي وتقليدهم للعادات الغربية التي تكون مغرية بشكل كبير في ظل إباحة الحرية المنافية للتقييد والالتزام .

وبالنسبة لنظرة الغرب لعاداتنا ومنهجيتنا المرتبطة بالدين هي نظرة سلبية تزعم بإدانتنا بالتطرف والتخلف وحتى الإرهاب ، وهذا يشكل عائق آخر تواجهه تلك الأسر في الاندماج في مجتمعات تصّدر التطرف والإرهاب وتتخذ دور الراعي للسلام ولحقوق الإنسان ، لذا فأهم ما يجب أن يفكر فيه المغترب خصوصاً إذا كانت لديه عائلة ؛ هو أمكانية تقبله للقوانين المتبعة في تلك الدول وتأثيرها على مستقبل عائلته ؛ حيث أنه مجبر على تنفيذ القانون حتى لو تم سحب أحد أطفاله من حضانته لأسباب فعلية تستلزم ذلك أو لمجرد تطبيق القانون الذي يجرم تعنيف الوالدين لأبنائهم حتى لو كان لغرض التأديب والتوجيه ؛ وفي أي صورة للتعنيف سواء اللفظي أو النفسي أو الجسدي .

ومن هنا فأن دور الوالدين المغتربين في تربية الطفل في المجتمعات الغربية يكون دور مضاعف وشاق لأنهم مرغمين على الإمتثال للقوانين وتحصين ابنائهم من خطر الاندماج والتطبع في المجتمعات الغربية في ظل شبه غياب لمؤسسات دينية أسلامية واجتماعية تحتضن وتكفل مواطنيها في بلاد الغرب .

 

ايمان كاظم الحجيمي