لكل امرأة ميزة تميزها وترسم لها صورة مختلفة عن باقي النساء . وربما يكون هذا التميز محدود ضمن دائرة معارفها . أو تكون مميزة ونجمة مجتمع معروفة يُشار لها بالبنان .

لتصل المرأة وتحصل على لقب امرأة بامتياز لابد أن تكون قد قطعت شوطاً كبيراً من الإصرار والإرادة . وأن تحفر أسمها في الصخر لتلهم بقية النساء وتكون نموذج ومثال يُقتدى به .

مُميزتنا مختلفة فهي امرأة حاملة لشهادة الدكتوراه في الفلسفة , وتشغل منصب ثقافي مرموق ( رئيس دائرة البحوث والدراسات في وزارة الأعلام بيروت - لبنان )  , وهي عضو تحرير الصفحة الإلكترونية للوزارة .

بكل فخر وتصالح مع الذات وبمنتهى الامتنان لقضاء الله وقدره تصف تميزها وما وصلت أليه وتوعز السبب لأعاقتها !

الدكتورة سنا الحاج من مواليد 4 أغسطس 1965 - لبنان . أصيبت بفيروس شلل الأطفال وهي في عمر السنة لتلازمها الإعاقة منذ ذلك اليوم .

من حسن حظها أنها كانت في كنف رعاية والدتها  ووالدها الذي ساعدها على استخدام العكاز لتبدأ خطواتها الأولى في الحياة بألم وصعوبة ومشقة بعد خضوعها لعدة عمليات جراحية محاولة لتحسين وضعها . وبعد العمليات تم دعمها بجهازين طبية لتقويم القدمين مع العكازات .

ما مرت به في تلك الفترة لم يكن يتناسب مع قوة تحمل طفلة لذلك . لكن إيمان والدها  بتدريبها على الإرادة وقوة التحمل والإصرار لتعتمد على نفسها وتمارس حياتها كباقي الأطفال ولو بإعاقة لا تعيق  الشعور بالسعادة ولا تسرق الأمل كان سبب في تقويم حياتها .

بعد أن تيقن الوالد الذي أستقى ثقافته بالفطرة ومن تجارب الحياة أن أبنته تجاوزت ألم العكاز واعتادت عليه بدأ بتدريبها وحثها على استخدام عكاز آخر وهو العلم .. الذي لا يمكن أن يُسند المرء على سواه في تحقيق النجاح .

 

تمكنت مميزتنا د. سنا من تحقيق النجاح في دراستها وثابرت على التفوق . لكن ثمة انكسارات ناعمة تصيبها بسبب عجز عقول البعض على تقبل  المعاق في المجتمع . لكن دور الأب الداعم كان بارقة الأمل وبصيص النور الذي يضيء عتمة توجسها وقلقها من تجاوز إعاقتها وتحقيق  حلمه  بأن يراها إنسانة متفوقة وملهمة .

الإعاقة الجسدية لا تمنع حق الحياة وربما تكون دافع لمعرفة قيمة الحياة ومن أجل كل ذلك كان للدكتورة سنا دور في احتضان المعاقين وسبر غور مشاعرهم والحديث عنهم بلسان حالهم الذي يتناغم مع لسان حالها .

تمكنت من تقديم أوراق عمل لبعض المديريات كونها ناشطة في مجال الدعوة لضمان حقوق المعاقين في المجتمع .

فبين " الأعلام الاجتماعي وذوي الإعاقة بين الحقوق والواقع " و" الجمال في قصص الأطفال ذوي الإعاقة " و "الأعلام الإلكتروني في قضايا ذوي الاحتياجات الخاصة تحديات وتطلعات "  تعددت نداءاتها وسعيها الحثيث لأنصاف المعاق بصورة عامة سواء المصابين بإعاقة جسدية كشلل الأطراف أو الصم والبكم أو المكفوفين .

 

صدر للدكتورة قصة للأطفال بعنوان " ماذا تأكل الشمس " وكتاب بعنوان " ماهية الإنسان وعوامل تكامله في الفلسفة والدين " وقصة عكازة في العيد من ضمن مجموعة " لاشيء يعيقني " التي لم تكن هذه العبارة مجرد عنوان لمجموعة قصصية بل كانت ركيزة أساسية اعتمدت عليها . فهي تعبر عن إعاقتها بأنها سر تميزها ولولاها كانت الأمور ستكون عادية وأن إعاقتها الجسدية لم تعقها على إحراز حضورها المتألق في ساحة الثقافة والأدب .

 

إيمان كاظم الحجيمي