عندما يكون الإسلام غنيّاً بنماذج نسويّة طيلة تبليغ الرسالة المحمدية سواء في فترة النبوة أو فترة الإمامة ، صاحبات دور مكمّل لهذا التبليغ لا يمكن بحسب مقاييس الوقائع التخلي عنه فذلك يعني شدة تكريم الدين للمرأة واعتداده بها بحيث يكلّفها بهذه الأدوار المتعلّقة به ، وضرورة اعتدادها هي بنفسها وعدم غفلتها عن تأدية ما عليها..  فالسيدة خديجة (عليها السلام ) تبذل مالها لأمر ربها الذي صدع به نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله) لتقوم شريعته وتنتشر بما أنفقت ، وبعدها ابنتها السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام ) التي خرجت رغم ما ألمّ بها من كسر ضلعها وإسقاطِ جنينها لتُطالب بحق الإمام علي ابن أبي طالب (عليه السلام ) بالخلافة المنصوصة بعد النبي ، ولتقول بخطابها بأن الحق يعرِّف ذاته ولا يُعرف بالرجال وإن كانوا صحابة .. وكذلك بعدها ابنتها السيدة زينب (عليها السلام ) المرأة التي بصبرها برهنت على أن ما تحمّلته وما تحمّله إمامها الحسين كان لله ولو لم يكن له عز وجل كأن يكون لأجل سلطة أو أي مغنم دنيوي آخر لما رأينا فيها ربع الصمود الذي يصل إلى دخولها على قاتل أخيها قائلة : "أستصغر قدرك وأستعظم تقريعك"!. سيد الشهداء أستشهد لبيان ضلالة العقيدة التي تبنتها السلطة وبثتها في المجتمع حيث عرضوا الإمام علي رمزاً للضلالة وعرضوا معاوية واسلافه رمزاً للهداية ، وهو خلاف سنة النبي التي عرضت علياً رمزاً للهداية وبني أمية رمزاً للضلال، فراحت زينب تنقل للأمة هذا البيان، في الكوفة، والشام والمدينة . إضافة لمَن كُنّ مع زينب في الطف، لم نسمع منهن تردداً، وتململاً وتقاعس في تجنيد أولادهن في معركة معلوم مصير المقاتل فيها ، كان بوسعهن التحجج للتنصل من التكليف الشرعي لكن تأبى نفوسهن الأبيّة ذلك ، وبهذا العطاء ساهمن بالدفاع عن مقام الإمامة ، وكشفن زيف من يدّعي الخلافة الإلهيّة وهو لا يتورع عن قتل أطفالهن وسبيهن وهنّ مسلِمات . القائمة طويلة بهذه النماذج ، إلى أن نصل لزماننا هذا، لنساء غير غافلات، يحذون حذو سيدات نساء العالمين ونساء الطفوف ، لم يقصيهن الإسلام وعلماؤه فرُسم لهن دور عظيم في فتوى تأريخية بالنسبة للمذهب والأمة ، فتوى الجهاد الكفائي ضد عصابات داعش بما قاله مُطلِقها (دام ظله) : (المطلوب أن يحثّ ... والأمُّ ابنها والزوجة زوجها على الصمود والثبات دفاعاً عن حرمات هذا البلد ومواطنيه) فوهبن ما جادت به أرحامِهن المطهّرة للحفاظ على الأرض والعرض والمقدّسات ، وهنّ بهذا يؤدّين أعظم تمهيد لدولة مُظهر الدين المحمدي على الدين كله ، الإمام المهدي أرواحنا له الفداء .

 

زهراء حسام