نمشي في بداية العمر بعد مئات الخطوات المتعثرة, يساعدنا من حولنا على المشي بتعليمنا الخطوة الأولى, حتما نحن لا نتذكرها لكن الأكيد إنها كانت بمساعدة شخص يحبنا جدا, فخلف كل عمل ثمة دافع؛ والحب هو أسمى الدوافع الانسانية لتقديم المساعدة, ووفق هذا المبدأ نجد دائما شخصا يقف خلفنا ليساعدنا على الإقدام نحو الأمام, فالطفل تحركه فطرته للاكتشاف وتجربة كل ما يمكن تجربته, وبالفطرة أيضا نتحرك صوب تجاربنا التي نأمل أن تقودنا إلى السعادة بحكم إننا لا نعلم نهاية السير في أي طريق وإلى أين سيقودنا.

 يختلف البالغ عن الطفل بقدرته على التفكير بالنتائج؛ لذلك فإن خطواتنا الأولى في أي عمل لابد أن تكون هادئة ومحسوبة, لأن ضريبة الرجوع إلى الوراء باهظة جدا والعثرات تكلفنا أضعاف, لكن قد يبدر تساؤل حول اختيار الطريق الأسلم لمسيرتنا في الحياة, كيف ننأى عن الطرق الوعرة التي تزيد من احتمالية وقوفنا في أماكننا مع إضاعة كثير من الوقت؟

الجواب قد ينشطر لآلاف الاحتمالات, فالإنسان مُخير بمسيرته والعكس ربما يكون صحيحا, ومن دون معطيات بأننا مؤهلين للاختيار من الخطأ أن نتوجه, تماما كما في خطوتنا الأولى التي حتما كانت مناسبة مع قدرتنا الجسمية على تجربتها, وهنا نعود ونتذكر أهمية ذلك الشخص الذي يقف بظهرنا ويسندنا, فبلوغنا وقدرتنا على التفكير لا تلغي أبدا حاجتنا لمن حولنا, ومهما بلغنا من العمر والمعرفة نظل نترقب مساعدة المقربين والمحبين لنهتدي بهم إلى ما نود الوصول إليه, فطبيعة الانسان الاجتماعية تمنعه من الانعزال والاعتماد الكلي على نفسه.

هكذا هي الحياة مسيرة طويلة لا تتوقف إلا عند نهاية الطريق, خطوات مستعجلة جدا وأخرى متأنية أكثر مما ينبغي, وما بينهما معتدلة ومدروسة غالبا لا تقودنا إلى مفترق طرق, وحتما هي تعتمد على خطوتنا الأولى. 

 إيمان كاظم