أين تضع بصمتها؟

للمرأة بصمتها في الشعر قديما وحديثا ومَن لا يعرف الخنساء التي قال بحقها النابغة: لولا أنَّ أبا بصير -يعني الأعشى- أنشدني آنفًا لقلتُ إنكِ أشعر الجن والإنس!

هذه الشهادة من شاعر فحل في تفضيل شعرها على كثير من الشعراء آنذاك، والباحث في شعر النساء يجد العديد من الأسماء التي نافست في الساحة الأدبية ويصلن الى المئات أمثال صفية بنت ثعلبة وميسون والرابعة العدوية وغيرهن، وكذلك في العصر الاسلامي تصدرتْ مجموعة كبيرة من النساء الشعر منهن خولة بنت الأزور، الرباب بنت امرؤ القيس، وبكارة الهلالية وفي العصر العباسي لمعت أسماء مع تجديد الشعر صورا ومبنى وظهرتْ العباسة والخيرزان، وفي الشعر الحر نازك الملائكة كانت من رواده الأوائل.

وفي العراق أسماء كبيرة لشاعراتْ خصوصا في جنوبه حيث تتربى النساء على إيقاع شعر الدواوين فينظمنَ الشعر الفصيح وأخريات الشعر الشعبي، فيجدّنه إجادة متفردة بسبب صعوبة بيئتهن فيكون نتاجهن من رحم المعاناة، وفي محافظة كربلاء، هناك أسماء وثقت أشعارها في تاريخ الشعر الكربلائي كالشاعرة سليمة سلطان ومسار الياسري، إن هذه القلة في الساحة الكربلائية تحتاج الى النهوض في الشعر النسوي، وتشجيع المواهب الموجودة في المحافظة لتلتحق بالركب الأدبي.

صور مؤثرة

أما في مجال الشعر الشعبي فقد استقتْ النساء من ملحمة الطف مادتها الخام وسقتْ الساحة الحسينية بأشعار بعضها الفصيح وآخر الشعبي، فالشاعرات الحسينيات كثر فمع اغلب الناعيات هناك شاعرة تقف وراء النص الشعري للمجلس، ويتمتع الشعر الحسيني لهن بالصور المؤثرة والتشابيه البليغة والألحان الشجية التي تنقل المستمع الى آلام أهل البيت عليهم السلام وما جرى عليهم، وبالاستناد الى الروايات الصحيحة، هذه الثقافة في الطرح الشعري والنضج الصوري تحتاج الى موهبة وصقل لتخرج بهذه المخرجات المتكاملة في كثير من الأحيان، ومن المهم أن تُخصص متابعات لهذا الشعر وتوثيقه لأنه يمثل إرث في تاريخ الشعبي النسوي.

فالشاعرة الكربلائية بتأثرها ببيئتها الملتزمة والتي تحمل رسالة فطرية وتعايشها مع أجواء الشعر الحسيني قد نراها أنها تنساب الى هذا الخط أكثر من الأغراض الأخرى فتوضف أغراض الشعر من غزل ورثاء ومدح وهجاء والاغراض البلاغية من تشبيه واستعارة وكناية ووصف في هذه القضية، كما عند شعراء محافظة كربلاء.

ضمياء العوادي