إنَّ كل اتصال لغوي بين الناس يفترض وجود نظام مؤلف من عدد محدد من العناصر ، التي يتميز بعضها عن بعض بعلامات محددة ، ويُعد الإختلاف الثابت بين هذه الوحدات شرطاً ضرورياً ، لكي يستطيع نظام من هذا القبيل أن يؤدي وظيفته بإعتباره وسيلة اتصال.

وهذه الوحدات المستعملة علامات في اللغة المتكلمة هي أصوات ، أو مجموعة أصوات ، يجب أن تكون متميزة بحيث يمكن للأُذن الإنسانية أن تتبينها ، دون أن تخطىء ،وأن تفسر ما بينها من اختلافات لدرجة يستطيع جهازنا المصوت أن ينتجها بطريقة يمكن التعرف عليها ، وليعرف الإنسان الكلام عليه أن يتعلم كيف يستعمل بعض الأصوات في مقابل أصوات أخرى ، والحدث الكلامي يفترض حضور شخصين على الأقل الذي يتكلم والذي ينصت ، فالأول ينتج الأصوات ، والآخر يسمعها ويفسرها ، لذا فعلم الأصوات هو دراسة أصوات اللغة ، أي أنَّه فرع من فروعها ، لكنه يختلف عن الفروع الأخرى ؛ لكونه يُعنى باللغة المنطوقة ، أي يدرس أصوات اللغة من حيث حدوثها وكيفية نطقها وانتقالها عبر وسط فيزيائي ، واستقبالها عندما تصل إلى اذن السامع ، ووظائفها في الكلام وأداء المعنى. ودراسة أصوات اللغة تتناول نوعين من الدراسة الصوتية ، هما : 

الأول :-

علم الأصوات المجردة ، المعروف بالفوناتيك أو الفوناتيكا phonetics ، ويُعنى بدراسة الأصوات المجردة من حيث كونها أحداثاً منطوقة بالفعل لها تأثير سمعي معين دون النظر في قيّمها او معانيها . أي يتناول أصوات اللغة معزولة عن بنيتها ؛ فيتناول كيفية حدوث الصوت ، ومواضع نطق الأصوات ،ومخارجها ، وصفاتها النطقية والسمعية ، وهذا الفرع عام وشامل لدراسة الصوت في أي لغة ؛ لأنه يدرس إنتاج الأصوات وانتقالها واستقبالها من غير نظر إلى معانيها ووظائفها التي تختص بها لغة معينة .

الثاني :- 

علم الأصوات الوظيفي ، أو علم التشكيل الصوتي ، المعروف بالفونولوجيا phonology ، ويدرس الصوت اللغوي في سياقه داخل البنية اللغوية من حيث وظيفته وتوزيعه وعلاقة ذلك بالمعنى ، وهذا الفرع يدرس وظائف الأصوات وما يؤديه التقابل بين صوت وصوت من اختلاف في المعنى ، وذلك بدراسة النظام الصوتي للغة بعينها .

وثمة تقسيم آخر لدراسة الأصوات اللغوية وتحليلها ، يُقسمها إلى نوعين ، هما : علم الأصوات (العام) phonetics ، وعلم الفونيمات phonemics . وقد شاع هذا التصنيف عند اللغويين الأمريكيين الذين استبدلوا بالفنولوجيا phonelogy مصطلح الفونيم phoneme . لإرتباط الأول بمعنى قديم ثابت في أذهان الناس .

فروع علم الأصوات :-

قسّم اللغويون علم الأصوات إلى ثلاثة فروع ، هي : علم الأصوات النطقي ، علم الأصوات الفيزيائي أو الاكوستيكي ، وعلم الأصوات السمعي .

علم الأصوات النطقي :-

علم الأصوات النطقي articulatory phonetics ،أو علم الأصوات الفسيولوجي physiological phonetics ، هو ذلك الفرع من علم الأصوات الذي يهتم بدراسة حركات أعضاء النطق لإنتاج أصوات الكلام . وهو أقدم الفروع الثلاثة ظهوراً ، وأوسعها انتشارً بين اللغويين ، ويختص هذا الفرع من علم الأصوات بثلاثة جوانب :

الأول :

دراسة الجهاز النطقي الذي يصدر الصوت اللغوي ، ويتكون من ثلاثة أقسام رئيسة ، هي : أعضاء التنفس (الرئتنان والقصبة الهوائية ) ، والحنجرة بما تحويه من أعضاء وغضاريف وأوتار ، والتجاويف الأُذنيّة والفموية التي تحوي معظم أعضاء النطق ؛ كاللسان والشفتين واللهاة والحنك اللين والأسنان . 

الثاني :

دراسة انتاج الصوت اللغوي ؛ أي دراسة إنتاج الأصوات اللغوية المنطوقة ، وتصنيفها ، والتفريق بينها من حيث : المخرج (شفوية ، لثوية ، حلقية ...) ، والكيفية التي تنطق بها (انفجارية ،احتكاكية ، جانبية ) ، والصفة (مجهورة ، مهموسة ، لا مجهورة ولا مهموسة) ، والنوع (أنفية أو فموية ، أو فموية أنفية) بالإضافة الى تصنيفها إلى : أصوات صامتة ، وأصوات صائتة ، أو حركات ، وتصنيف هذه الحركات ، ونحو ذلك .

الثالث :

وظيفة الصوت المنطوق ، ويشمل دراسة الأصوات الوظيفية أو وظائف الأصوات ، وتدخل هذه الدراسة ضمن علم الأصوات التنظيمي أو التشكيلي المعروف بالفونولوجيا phonology أو علم الفونيمات phonemics.  

 

إعداد م.م نور جواد كاظم الكركوشي/ تدريسية في جامعة الزهراء(ع) للبنات