نتفق جميعنا على أن الحياة سلسلة مطولة من الاختبارات, وتراكمها يُسمى التجارب وتتحول التجارب بدورها مع تقدم المواقف لتكون خبرة حياتية, وبالطبع فإن الخبرة لا تنفع صاحبها وحسب بل يمكن أن تكون دروسا نظرية لكثير من الأشخاص... ومن هنا بدأت أفكر بمن يمتلك نعمة الكتابة, حتما لديه معرفة نوعية ناتجة من بحثه واطلاعه والأهم مشاهداته اليومية, واتساءل إلى أي مدى يمكننا نقل خبراتنا الحياتية عن طريق الكتابة من دون أن نكون طرفا مباشرا فيها, فالبعض قد يجد إننا نمرر مواقفنا الشخصية ونوثق سيرتنا الذاتية من خلال ما نكتبه, وبالتأكيد فإن هذا الأمر غير وارد, بلحاظ إن الكاتب لا يتجرد من ذاته ومن عواطفه وأفكاره في الكتابة الا إنه يمتلك ما يكفي من الوعي لملاحظة تجارب الآخرين ويمكنه الاستفادة من خبراتهم, لذلك فإن فعل الكتابة هو عبارة عن اختبار يجريه الكاتب حتى لو لم يحصل على النتائج, لكنه بواسطة طرحه للموضوع إنما يثير الانتباه لفكرة معينة يمكن تطبيقها أو معالجتها أو تجنبها بحسب صياغته للموضوع.

نتفق أيضا إن وجودنا في الحياة هو نوع من الاختبارات, فالله سبحانه وتعالى يختبرنا بشكل لحظي بكل ما نفعله, وهنا يأتي دور الوعي المرتبط بالعقل اليقظ, فالوقوع في الأخطاء ليس دائما وسيلة لمعرفة الصواب كما يروج بعض المنظرين, لأن يمكن معرفة المواقف التي ربما تعرضنا للهفوة من تجارب سابقة لأشخاص آخرين, يكفي أن نختبر تأثيرها على واقعنا قبل الأقدام عليها, فإن كانت لا تقودنا إلى النجاح في أهم اختبار وهو أداءنا الانساني, لا نحتاج أن نجربها ونعرض أنفسنا لمهب الغفلة, فالإنسان ليس كائنا منعزلا حتى يتصرف من دون أن يستفيد من خبرة سابقة لتجارب تحققت بسبب مجموعة هائلة من الاختبارات.

إيمان كاظم