نتفق كلنا على سبب استخدام الفاصلة المنقوطة في الكتابة, والتي يمكن اختصار سبب وجودها في النصوص إنها تؤسس اتصالا وثيقا بين جملتين؛ أي تكون الجملة الأولى سببا للثانية, أو إنها تكون بعد أو بين الجمل الطويلة لالتقاط النفس, أو إنها تكون بين جملتين تقول الشيء ذاته ولكن بطريقة مختلفة... وفي الحقيقة نحتاج أن نتوقف عند عمل هذه الفاصلة ولكن ليس في مضمار الكتابة, بل في سياق حواراتنا اليومية.

كلامنا اليومي يتذبذب بين كلام اعتيادي ويتصاعد ليكون نقاشا وقد يصل إلى تراشق أو حديث مشحون بالتوتر... ومن هنا تبادر إلى ذهني هذه المقاربة بأن نضع فاصلة منقوطة بين طيات الحديث, بأن نحاول أن نخفف من عجلتنا في تداول أي حوار بغياب التفكير بما نقوله, أو نقدم للآخرين تعابير أخرى توضح ما نود إيصاله لهم في حال شعرنا بان الآخر يعاني من صعوبة تقبل فكرة الحديث, أو بمنتهى البساطة والعفوية نعتمد فكرة الفاصلة المنقوطة بأن نأخذ نفسا عميقا يتخلل الحديث للشعور بالراحة قليلا أو سبيلا للتوازن وعدم الاندفاع, فأغلب المشكلات اليومية التي تواجهنا يكون سببها اللسان, وفي هذا الإطار تحديدا قال سيد البلغاء أمير المؤمنين علي أبن ابي طالب (عليه السلام) في نهج البلاغة "تمنيت لو كانت لي رقبة بعير" وهذا مفهوم فلسفي يؤيد حقيقة تورط الانسان بلسانه ما لم يتقن كيفية استخدامه بعيدا عن إيذاء الاخرين أو بعيدا عن الوضوح أو الاسترسال من دون استدراك عند تشظي الحوارات أو تكرار العبارات ذاتها من دون إيضاح.

مهم جدا أن لا نتفوه بكلام من دون علة أو سببا يفسره, وإلا سُمي لغوا أي لا فائدة منه ولا طائل ولا يقودنا لأي منفعة مرجوة من الكلام.

إيمان كاظم