حينما نتداول الحكم والأمثال أو بعض الأبيات الشعرية نجد أننا أمام دروس في الفلسفة والأخلاق تحتاج إلى تمعن وتعمق حتى نستلهم ما وراء المعنى أو على الأقل نستوعب فكرة بعض العبارات بعمقها لا بظاهرها.. على سبيل المثال ما قاله المتنبي "وَشِبهُ الشَيءِ مُنجَذِبٌ إِلَيهِ..." هل فعلا ننجذب في الحياة لأشباهنا, ونتنافر مع نقائضنا؟

للإجابة على هذه التساؤلات علينا أن نحلل منظومة العلاقات المحيطة بنا وبالتأكيد لسنا بصدد الحديث عن العائلة كونها تمتاز بطابع علائقي خاص جدا فتحكمها الفطرة, وتشدها أواصر كثيرة.. لا يمكن اختصارها في معرض حديث عابر.

 أما العلاقات الاجتماعية الأخرى كالأصدقاء والجيران والزملاء.. فهؤلاء وإن فرضتهم البيئة الاجتماعية أو الجغرافية.. ولكن لسنا مجبرين على الانجذاب والانغماس في علاقتنا معهم ما لم نشعر بالتوافق الحقيقي والشبه بيننا, وهذا التشابه لا يعني تناظر بالسلوك والأداء بشكل عام؛ إنما هو تماثل روحي, انسجام عاطفي, تقارب فكري, يجعل من العلاقة مقبولة كحد أدنى وإلا يكون هذا الشخص على طرفيّ نقيض ولو تطابق معنا في التصرفات عموما.

استنادا إلى هذا المفهوم يمكن أن نستخلص فكرة مفادها أننا لسنا مكلفين بالبحث عن أشباهنا في هذا العالم لأننا وفق معادلة الانجذاب سنجد من نستقر روحيا إلى جواره, وهذه الحقيقة مررنا بها كلنا في مرحلة مبكرة من العمر وإلا كيف تشكلت علاقاتنا في المدرسة مثلا!!

وكيف نتعامل مع الجيران بشكل يختلف من جار لآخر مع الحفاظ على المودة والاحترام لكن لبعضهم خصوصية معينة؟

وكيف تسير يومياتنا مع الزملاء وسط زحمة العمل بالاعتماد على زميل معين والاستناد عليه بكثير من التفاصيل والشعور بالحرج من زميل آخر؟

 لا داعي أن نجيب على هذه التساؤلات لأن ببساطة شبيه الشيء لا يتناقض معه.

إيمان كاظم