من بعيد اتحدث عن اربعينية الإمام الحسين (عليه السلام) أبعث رسالة تحملُ أشواقي الحراء ، ولهفتي التي لا تُقاوم في أن أعيش تلك الأجواء بل أفنى فيها روحاً وقلباً ، وأتلاشى فيها جسداً ولحماً و عظاماً و أصيرُ غباراً متطايراً في الجو لعل أنفاس الإمام الحسين أنفاس أهله و أصحابه مازالت ذراتها تسكن ذلك الفضاء المشرف  و تتلفعُ بنسائمه و هواه فيحصل لي الشرف أن أحتك بها و اُلامسها و يكون حضي سعيداً اذا امتزجتُ بها وتخللتها وتخللتني ، أو على الأقل ألتصقُ بالعرق المتصبب من الأجساد ، أو المتقاطر من الوجوه وهم كما أعتقد وأحسب إما وليٌ صالح أو أحدٌ أو آحاد يجري فيهم دمُ الإمام الحسين (عليه السلام) أو يحملُ في خلاياه مورثاته ، أو تائب نادم ذهبت نفسه حسرات وسالت دموعهُ أنهاراً ،وذكر الله و دعاه حتى جف فمه ،والتصقت شفتاه ،وزهد في كل ما يرفه الجسم ،ويجلبُ المسرة ،بل تنازل عن الشبع ،والري ،إلا ما يسدُ به الرمق ،ويمسكُ الحياة ،حتى نحل جسمه ،واصفر وجهه ، فإستحال عموداً من نور ،أو عالماً فطحلاً ،توج علمهُ بالتقوى ،وزانهُ بالتواضع ،أو مضطراً ،له حاجة ،أو خادماً يناولُ الزائرين الطعام ،والشراب ،أو حُراساً يوفرون الأمن للزائرين ،ويدفعون عنهم كل سوءٍ ومكروه ،ما أروع أن تحضر الذكرى ،و تستعاد الحادثة العصماء ،بكل عناصرها وحالاتها ،ووضعياتها ،وتشابكها مع واقع ذلك الزمن ، وحتماً ستمثلُ المواقف السوية ،وهي قليلة ونادرة ،والمواقف الشاذة ، أو المغرضة مثولاً يجعل أفكارٌ و تصورات ،تنثالُ بسرعة و بغزارة على ذهننا وعقلنا ،أكيد أن عقلنا سيحتار ،ولايقدر على الحسم ،أو يبتُ ويقطع في وجاهة فكرة ،أو قيمتها ،أو مايترتبُ وينتج عنها ،لأن الإلتباس والغموض والضبابية الذي يحف هذه الأفكار بل يلفها لفاً، ،لايسمح ولايتيح لكثيرٍ من الناس أن يقفوا وجهاً لوجه ،أمام نصاعة وطهارة بشر ،وقفوا في صفٍ واحد مع الأنبياء والرُسل ،أو اجتمع فيهم ما تفرق في رهط الأنبياء والرُسل ،تنفسهم الملائكة ،بل تطمح لأن تخدمهم وتفوز برضاهم ومحبتهم ،أكثيرٌ في حق الإمام الشهيد الحسين بن علي (عليه أفضل الصلاة و السلام) أن يفعل له ما يفعل هؤلاء الكرام المبجلون الأحبة المتقاطرون من جميع أنحاء العالم الإسلامي ،الى أرض الطف الى كربلاء ،حيثُ الوصال والوجد والعشق ،حيثُ الرحمة والعطف حيثُ أمل المستضعفين ،حيث تجديد البيعة للأئمة برمتهم وتأكيدها بحضرة الإمام الحجة (عجل الله تعالى فرجه الشريف) ..........


بقلم :  السيد محمد الفاضل حمادوش