الكلمة...

الكلمات صنعة الكاتب، ولكنه قد يقع مأخوذا بكلمات غيره، في موقف ما، صدقها يهز وجدانه بعنف، يتركه اسيرها العاجز عن الرد والتعليق.

في ذكرى انتصار الفتوى تحضرني بعض الكلمات لأيام الحرب.. عجزت عن ترجمتها بالكتابة.

كلمة للمقاتل (الشهيد) علي كاظم عن سؤال كيف التحقت بالحشد؟

رد بشكل عفوي "أبي استأجر سيارة واصعدنا نحن اولاده الخمسة وقال اذهبوا لتلبية الفتوى وتكفلت امي بأمر نساءنا واطفالنا".

 

اضطرار المقاتل يعقوب بسبب قيام شقيقته بغسل ثيابه العسكرية في موعد التحاقه أو اخفاءها "انا مضطر لشراء بدلة جديدة كل التحاق".

 

ذكرى تؤلم المقاتل جميل وهو يروي ابان سقوط الموصل رؤيته لجندي يتحدث في ديوان أمام الرجال كيف انه هرب بجلده بعد قتل رفاقه بيد داعش، معلقا هذا ما لم يحدث من قبل في تلك القبيلة.. قبيلة اعطت الفا من الشهداء في اجابة الفتوى لانهم يأنفون خفض الرأس امام الساتر او استدبار عدو.

 

رسالة لاحد متابعي التوثيق اليومي لقصص المجاهدين على مواقع التواصل.. "اقسم عليك بابي الفضل ان تتوقف عن الكتابة" ، ثم الاعتذار والتراجع في اليوم الاخر بعد ان تبين ان بعض المنشورات كانت قصص رفاق دربه الشهداء وانه لم يعد يطيق عروجهم وبقاءه.

 

بث فيديو مباشر على مواقع التواصل بعد حصار بالنار لمجموعة من الحشد على سطح منزل وتعليق المصور المقاتل مع ازيز رصاص رفاقه بكل هدوء واريحية بانها "اجمل لحظات حياتهم" وانهم سيصمدون حتى اخر نفس ثم استشهاد رفيقهم واصابه المصور بقاذفة نجى منها لاحقا موثقا تلك اللحظات بكلمته المشهورة " ما ننطيها برجه" اي نبذل دونها الوسع.

 

وصية احد الشهداء يحملها في جيبه معاهدا على المضي حتى الشهادة قدمها لي ولده الصغير برفق لأنها كانت مخضبة بدم والده لغرض تصويرها قال خذوها لوكيل المرجع لقد صدق والدي عهده.

 

تزويج ابنه (الشهيد) المقاتل ابو عبرة لاحد رفاقه المجاهدين الابطال بعد ان كان مهرها انقاذه لمجموعة متطوعين حوصروا في المتقدم بلا ماء، فرضيت بمهر بعطر العباس (عليه السلام).

 

شاب لم يبلغ الثامنة عشر يدعى علاء الشاعر يصعد من رحلة الدرس في البصرة الى تل عبطة على مشارف الموصل لتحريرها مرورا بكل المعارك في الطريق إليها، لكنه هناك اذن  بكلمته المشهورة آنذاك " حان الآن موعد رصة التفكة.. تلجمه شواربه الرجال لمن ينوخذ حكه".

 

خبر استشهاد خمسين شابا دفعة واحدة اول صعودهم في مطلع الفتوى، مهلا.. ثم صعود خمسين اخرين مباشرة ليسدوا مكانهم.. يا الله الهمنا صبرا من عندك وثبات.

 

ركض (الشهيد) حمودي بعد نفاذ عتاده ليس باتجاه رفاقه بل باتجاه داعش يقاتلهم بفردة بسطاله حين الاشتباك.

 

تعب قلبي من استذكار كل تلك الصور واعجزني عن بوح المزيد...!

لبنى مجيد حسين