تحدث أحدهم في إحدى الجلسات الثقافية عن الضمير الإنساني, وعلى ما يبدو إن هذا الشخص له قراءات في الفلسفة وعلم النفس؛ لأنه ذكر إن قوى الشر والخير تتصارع فيما بينها داخل كل نفس بشرية لتوليد الطاقة الكافية لتسيير الإنسان باتجاه معين.. وفي سياق حديثه سرحت قليلاً عن أهمية الحوار مع الضمير بشكل يومي؛ وربما لحظة بلحظة وجعله مستشاراً أميناً على نوايانا وسلوكنا ومسعانا.. وفي هذا الجانب يمكن اجتزاء الفكرة لنتناول موضوعة الضمير المهني؛ كونه يحدد سلوكنا على وجه التمييز كوننا بشر, وكمسؤولون عن حماية شرف المهنة بشكل عام.

فالحياة اليوم تسير وفق منافسة شرسة تأخذ شكل الصراع الدائم من أجل المصالح الشخصية والاستزادة من الأرباح المادية والمناصب... الخ, والغريب إن تحيد بعض المهن التي تحمل طابعاً إنسانياً عن ضميرها المهني, فمهنة الطب ووظيفتها الهادفة لإنقاذ ارواح الناس كيف تستثمر أوجاعهم وتستنزف إمكانياتهم المادية من دون حاجة حقيقية لصرف بعض الأدوية مثلا أو إجراء فحوصات دقيقة ومكلفة مع إمكانية التحقق من العلة بأبسط الوسائل المختبرية؟

ومهنة الهندسة والمقاولة التي تستلزم منتهى الحرص في تشييد المباني والجسور, كيف تُزايد وتراهن على أمن وسلامة الناس إذا ما تعاملت مع العمل بلا مبالاة وبغياب الرقابة الداخلية؟

ومهنة التربية والتعليم التي هي أساس المهن وأيقونتها لأنها المسؤولة عن تربية الأشخاص لإدراك ضرورة التعامل بضمير وتمييز الخطأ من الصواب, كيف تنأى عن دورها الرسالي العظيم الذي يقترب من مكانة النبوة؟

وأخيراً وبغض النظر عن بقية المهن كلها وعن النسب المتفاوتة في تمسكها بالمبدأ أو الانحراف عنه, إذ إنها تشترك من دون استثناء بأهمية تفعيل المسؤولية الذاتية والحفاظ على قداسة المهنة نورد مهنة الإعلام و(الكتابة) تحديداً فأمانة الكلمة لا يمكن الاتجار بها لدواعي المنفعة الشخصية والمؤسساتية على حساب تغييب عقول الناس أو تزييف الحقائق أو إيهام المتلقي بصرف نظره عن الحقيقة المغلفة بالباطل.

إيمان كاظم