نظراً لما يمر به البلد والعالم من ظروف صحية صعبة، والتي توجب الالتزام بمعايير الصحية العالمية لمنع أو تقليل تفشي المرض الخطير وخصوصاً بعد أن أعلنت منظمة الصحة العالمية بأن هذا المرض تحول من وباء إلى جائحة, وبالرغم من التوجيهات والتوصيات من قبل أصحاب الاختصاص والمراجع العظام بالتزام الوقاية والحجر المنزلي لضمان وحفاظا على روح الفرد وسلامة أرواح الاخرين، ومع كل هذا الخطابات والتوصيات والمناشدات على مواقع التواصل الاجتماعي والتأكيد على ضرورة الحجر المنزلي والوقاية  والخروج فقط للحالات الطارئة وعند الضرورة القصوى، الا إن هذا لم يجدي بالنفع إذ نلاحظ هناك مجموعة أو فئة كبيرة من الاشخاص غير الواعين لم يأخذوا الأمور بجدية وإنما تم الاستهزاء بها والضحك والسخرية من هذا الوباء وكأنه شيء بسيط وعادي, وأن الاستخفاف بهذا المرض ناتج عن قله الوعي وكمية الجهل والتخلف المتفشي بالبلد اكثر من المرض ذاته، سواء كان هذا الجهل من ناحية الصحية أو الدينية فكلاهما توجههما واحد.

ومع ذلك فأن هذه الفئة غير المقدرة لخطورة الأزمة مازالت تتجول  في أزقه الشوارع وتكسر القوانين التي فرضتها الدولة (منع التجوال) والذهاب للزيارات المقدسة ظنا بأن عدم الاكتراث للأمر شجاعة وقوة وتحدي, بينما إن اللامبالاة ستزيد من تفاقم الأمور وتؤدي إلى زيادة الانتشار ورفع معدل الإصابات.

فمنهم من يرى إن الأمر خاضع لقدرة روحانية وإن الوقاية لن تمنع الإصابة وهذا ما يفسر عدم التزامهم وخرقهم للتعليمات التي وجهتها كل المؤسسات الصحية والدينية, وبهذا السلوك فأنه يقود نفسه إلى التهلكة، والله يحذرنا بأن لا نرمي انفسنا إلى التهلكة كما في الآية الكريمة:

"وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ"

 

 ونظرا لقه الوعي الديني لديهم فيكون تفكيرهم محددا بهذا الاطار أو الأفق الضيق, وأن الله سبحانه وتعالى خلق الروح والجسد والحيوانات وكل الكون، كلها أمانه بأيدينا وإلى الله مرجعها كما في قوله تعالى:

"وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا"

الإسراء (85)

هذه الآية صريحة توضح حقيقه الروح أي إنها من عند الله وإلى الله مرجعها, فإذا كانت هذه الروح أمانه بأيدينا أو ليس من حقوق الأمانة الحفاظ عليها وحفظها من الضياع والتلف والخراب... الخ, من الأمور التي تؤدي لسلامة هذه الامانة لحين انتهاء المدة ورجوعها إلى بارئها, أي أننا ليس لدينا الحق أن نستخف بأنفسنا وأجسادنا لأنها أمانه ونحن مسؤولون يوم القيامة عن هذا التقصير، فيكف إذ كان الجهل بأمر يؤدي إلى تعرض الكثير من ارواح الناس الى الخطر فأنه سوف يتحمل مسؤوليته ومسؤولية أرواح الاخرين لأنه أستخف بنفسة اولا والاخرين ثانياً

ومن ناحية أخرى يعد هذا التصرف عديم الإنسانيّة والضمير ولا يمت للعقل بأي صلة أي أنه تجرد من هذه الصفات وأصبح كباقي الحيوانات التي لا تفهم ولا تعقل لتميز الصواب من الخطأ, بل يصفهم القرآن بأنهم أضل من الحيوانات، فيجب على كل أنسان منصف ومؤمن بشرع الله الحفاظ على روحه ونفسه لسلامة أرواح الاخرين.

فاطمة الحسيني