في وجدانها الغض الكثير من الحيوية والنشاط  الفكري المتدفق، وفي ذائقتها الكتابية مفردات لم تقلها بعد ! وكل شئ في حياتها كان غير مكتمل المشوار، امانيها واحلاما هي الاخرى تنبض بالروح والحياة المعطاء طوال السنوات الاخيرة من وجودها .. استثمرت كل دقيقة من عمرها المتبقي في نثر ما تكتنزه قريحتها الشعرية مسجلة اروع القصائد .. الا ان توقف القلب  وطي صفحات الحياة لم تمنحها الفرصة وهي في اوج عطاءها الثقافي فتوقفت كلماتها الناضجة واسدل الستار على واحدة من شاعرات الزمن المعاصر لتنهي رحلتها القاسية مع المرض وهي في قمة الشباب والحيوية، وتترك خلفها وليدها الوحيد .. ديوان (حجل واحلام وطفولة).

 

بداية ومساندة

وجدان عبد الاله النقيب، شاعرة عراقية، ولدت العام 1991 في بغداد، تفتحت قريحتها الشعرية منذ الصغر، فكان ملهمها الأول هو والدها الذي عوض حنان الأم التي وافاها الأجل منذ صغر وجدان، وزرع في نفسها حب الشعر، ووقف بجانبها وسندها في مرحلة الطفولة ومابعدها، وقدم لها كتب منوعة للشاعر العظيم نزار قباني، والرائع عريان سيد خلف، درست في معهد الفنون التطبيقية، قسم التصميم الطباعي ، كتبت الشعر كهاوية، واستمر والدها بدعمها، فكان يشرح لها اصول المفردات الشعبية  والمصطلحات الجنوبية، وشوهد اول صعود لها على المنصة الشعرية في مهرجان خاص للمعهد الذي تخرجت منه.

 

لعنة المرض

احست بالمرض بعد معاناتها من آلالام الظهر .. وبعد الفحصوصات تبين انها مصابة بالمرض اللعين ، لتخضع للعلاج الكيمياوي والاشعاعي ، وبعد مدة قصيرة اخبرها الاطباء بيأس من انها ستحيا لاربع سنوات فقط !! لتصدم هذا الخبر كيانها ونفسيتها .. الا انها آمنت بأن الاعمار بيد الله سبحانه وتعالى .. ومن تلك اللحظة قررت مواكبة الحياة والاستمرار في مواصلة العطاء الشعري  لتلتقي بالشاعر "عريان سيد خلف" وكان هو المعلم الروحي الذي خط لها مسار النجاح، وكتبت حينها نصوص شعرية تحت نطاق الوجع، ومع كل هذا لا نستطيع ان ننكر بأنها كانت امرأة حاملة بالألم والمعاناة،  بيد ان نتيجته ولادة ديوان شعري (حجل وأحلام وطفولة)

 

 

محاربة السرطان

 اطلق عليها لقب (محاربة) وهو يطلق على كل فرد يتحدى المرض ويستمر في عمله وعطائه .. الشعر بالنسبة لها الدواء الذي  تأخذه ليسكن لها وجع المرض، ويخترق كل ماتختزنه من مفردات شعرية ليولد الابداع ، ولم يؤثر المرض على شخصيتها وظلت تبث الايجابية الى كل من حولها حتى آخر ايام حياتها،  لها بصمة كبيرة في نشر التفاؤل والأمل الى مرضى السرطان، وكانت تحثهم على الابداع والعمل و تحدي المرض... هذا ما كانت عليه وجدان النقيب.

 

هاشتاك

هي نموذج نسائي رائع ومحاربة قوية للسرطان، لم تخرج من هذه الحياة فارغة اليدين، تركت وراءها سطور مخلدة، ورحلة كفاح من رثت نفسها قبل موتها، وتحدثت عن مرضها الذي أفشت سره بعد كتمانها إصابتها به فترة طويلة عن أصدقائها وزملائها .. وقد أطلق العراقيون عدداً من الصفحات على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" باسم الشاعرة وجدان النقيب، كما أنهم أطلقوا على "تويتر" وسماً بعنوان "#وجدان_النقيب

الطبيب المعالج للشاعرة الراحلة كتب في تغريدة له يرثي النقيب: "أصعب شيء حين يعجز الطب ويقف حائراً أمام الموت"

بعضهم أقام بيت عزاء لها، وآخرون نعوها بأشعار شعبية.

سعاد البياتي