(الحلقة السابعة)

 العُقدة!!

ماذا نعني بالعقدة في كتابة القصة القصيرة؟

لنبدأ هكذا دون تمهيد لأن الأمر وكما أحسبه مفهوماً لا يحتاج التوقف للتوضيح، كون العقدة تشير من جهة من جهات الفهم العام البسيط الى وجود مشكلة أو أزمة أو معضلة في أحداث القصة القصيرة، وبالتالي يحتاج هذا الأمر الى الحل؛ أي ايجاد حل أو مخرج سردي لمثل هذه العقدة  التي أوقع القاص بطله في شراكها وشباكها.

وطبعاً، لا فرق في العقدة سواء أكانت على المستوى الداخلي/ النفسي بالنسبة لبطل القصة، أو على المستوى الخارجي/ حياتي، وأقصد بهذا عقدة اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية بالنسبة للبطل أيضاً، وما شاكلها من عقد الحياة الأخرى وأزماتها.

وهنا سنتوقف عند السؤال التالي:

هل ضرورة أن تحتوي كل قصة قصيرة على عقدة؟

وهل يجب على القاص ايجاد حل؟

الجواب: نعم، لابد من وجود عقدة في القصة تمثل ذروة تصاعد الأحداث بالنسبة للبطل أو القصة، لأنها وأقصد العقدة، أولاً تعد احدى الوحدات الرئيسية في كتابة القصة القصيرة فنياً، شأنها شأن الوحدات الأخرى كالشخصية والعنوان والزمان والمكان وغيرها، وكما هو الحال مع الحل مثلاً.

وثانياً وكما أحسب بأن العقدة إنما تمثل سبب وجود القصة أساساً، أي إنها إحدى المولدات النفسية للعمل القصصي في داخل القاص المبدع لها، فإذا لم تكن هناك عقدة؛ بمعنى مشكلة أو أزمة؛ إذاً فما الداعي للكتابة القصصية أساساً؟

وقد تكون العقدة في كتابة القصة القصيرة تبدو بشكل بارز في بعض الحالات، أو قد تكون مضمرة أو باهتة في حالات أخرى، حسب تركيز القاص في سرده عليها، وحسب ما تمثله من أهمية بالنسبة له كشخص أو للقصة القصيرة كوحدة فنية.. هذا الأمر غير خاضع لمقاسات واضحة، إذ إن موت كائن ما، أو انكسار حاجة ما.. على سبيل المثال، ربما لا يمثل هذا بالنسبة للآخرين شيئاً مهماً، أو يستحق كل هذا التركيز والاهتمام، لكنه قد يعصف عصفاً بكيان القاص، ويقلب كيانه رأساً على عقب.

وكما هو معروف فإن الشد الدرامي، وأقصد بهذا.. هو محاولة الاحتفاظ بوعي المتلقي متقداً.. لأطول وقت ممكن في متابعة تصاعد الحدث او الأحداث في عملية البناء السردي للعقدة، وهذا طبعاً لا يتأتى بسهولة إلا من خلال استمراره أولاً في القراءة، ومن ثم انغماسه في متابعة خيوط السرد القصصي ثانياً، وهذا بدوره لا يأتي أيضاً، إلا من خلال حضوره الذهني في عملية متابعة أحداث القصة، والربط بين أجزائها حتى الوصول الى نهايتها.

أقول، إن ذلك كله وأقصد به الشد الدرامي؛ مرتبط بالأساس بقوة السردية في القصة القصيرة، والإثارة ذهنياً أو شعورياً للقارئ .. بمحاولة دغدغة عواطفه، وتعطيش شغفه، وتحريك فضوله المعرفي، من خلال الطرق والتحريك لغريزة حب الاستطلاع لديه.

طالب عباس الظاهر