ونحن نقلب صفحات العالم الافتراضي نجد سيلا جارفا من الكتابات التي تشمل مختلف الموضوعات وربما لن تجد فكرة تشغل ذهنك دون ن تجد لها أثراً في إحدى التطبيقات أو المدونات أو المواقع, وذلك لِما يوفره العصف التكنولوجي من منصات مختلفة ومتاحة لعموم المستخدمين لهذه التطبيقات دون شروط أو ضوابط تحدد منهجية التعبير عن الأفكار أو المشاعر أو حتى أسلوب التعاطي مع ملكية الآخرين الفكرية ونقلها إلى مناخ مناسب لطرحها من جديد.

وكما تدعو بعض الدول إلى تحديد النسل لكي توازن بين الموارد الاقتصادية والاجتماعية مع عدد السكان؛ فإن تحديد القلم يجب أن تدعو إليه دولة الكتّاب والمعنيون في الشأن الثقافي, فمن المؤسف أن نرى أكواما من النصوص غير الخاضعة لأدنى ضوابط الكتابة, والسبب هو فضول تجربة الكتابة لدى بعضهم حتى وأن كانت بعيدة عن ميولهم وقدراتهم, لأن واقعه يغريه بمنصة مجانية, رقابة غائبة حتى إشعار آخر, غزارة في الأحداث, سهولة اقتناص النصوص ونقل ملكيتها دون التعرض للمساءلة وحقوق الملكية وغيرها من التسهيلات التي تُزين في نفوسهم إمكانية حمل أمانة القلم, وثقله, وكتابة أي كلمات خالية من المسؤولية مُذيلة بكلمة عميقة المعنى والحضور(بقلمي).

ومع إن كل إنسان مُتفهم وواعٍ يدعو حتماً إلى ضمان حرية الأخرين في التعبير عن رأيه؛ ولكن على أن يكون هذا الرأي خاضعا للضوابط الأخلاقية والفكرية والمنهجية, وأن يكون الكاتب على قدرٍ كافٍ من المسؤولية والاطلاع والمقدرة على تمويل نصه بما يحتاجه من ادوات, وإلا تتحول كثيرا من النصوص إلى أكداس من الأوراق الملطخة بالحبر... وتضيع هوية الكتابة وتنحسر الثقافة, لاسيما وأن العالم الإلكتروني سيظل يعاني من الترهل والهشاشة قُبالة القوة والرصانة التي يتسم بها العالم الورقي.

إيمان كاظم