تساؤل لطالما حار به العقل, كيف لتلك العجوز الخاوية ان يشتد عودها, وتبدأ برزم حقائبها لرحلة سفر نحو معشوقها؟

خطوات تتجه نحو الأقاصي من العلى.. لا تأبه لحر او برد او تعب او خوف, جل همها الوصول الى قبلتها المعهودة ، حيث تطوي المسافات  بخطواتها من مدينتها(الناصرية) الى مدينة حبيبها الحسين( كربلاء) لتحط رحالها في (غريب طوس) الحسينية التي شيدتها منذ عشر سنوات  ،

ثم تبدأ رحلتها الثانية في خدمة الزائرين الوافدين الى ابا عبد الله الحسين (عليه السلام)

ام رهيب.. المرأة السبعينية تستنطق الزائرين بكلماتها العذبة , ليتزودوا منها بالماء والزاد, وتتبرك بتراب اقدامهم التي حملتها خطاهم اللاهفة الى حرم ابا الشهداء , فقد توشح الحسين بلباس الخلود الابدي ليقود اليه اليوم الملايين من خدمة وزائرين..

اعتادت تلك الحاجة المسنة التي احدودب ظهرها على ان يخدمها اهل بيتها, اما اليوم فقلبها يستنطق العشق للخدمة الحسينية في اول ساعات النهار وحتى اواخر الليل,

حيث ابتدأ مشوارها منذ الثامن من شهر صفر وحتى صباح يوم الاربعين..

صباح الوداع.. كما اسمته هي، حيث تقف اجلالا والعين ترف صوب قبر الحسين عليه السلام بعيون دامعه، رافعة كفي القبول بعفوية مطلقة ..

( حان وقت الفراق, راحلة عنك سيدي..!

هل وفيت لأختك الحوراء ما قدمته يداي..

أستميحك عذرا ان كنت مقصرة..

واستودعك العودة الى دياري .

على امل البقاء في حياتي لسنة اخرى ، الوذ بين يديك سيدي واواسي سيدتي ومولاتي زينب عليها السلام

وهكذا .. حملتها دموعها وعادة بخطى واهنة, زال منها عنفوان الشباب الذي اعتراها في الثامن من الصفر لتعود لشيخوختها,

ولنسأل انفسنا ..

أليس للعشق لغة أخرى بأسم  "حسين "

 

زهراء جبار الكناني