وأُسدل الستار عن بانوراما مشهد سيول العزاء ، وبقيت الآهة حرى في كواليس الضمير تنبذ النسيان ... الضمير الإنساني ؛ أي إنسان ... بعد إن أعشوشب من تلك الثورة وثائرها ؛ ثوار لكل زمان ...

ورابطت الأرواح على سواتر فرات الرمز تسقي ظمأ الحشود بصمود الكفيل ...

ولملم السائرون قرابين حزنهم لأربعين أخر ، واللهف فيهم إليه ؛ كعاقر لجنين أو كلهفة الغريق للنجاة .

وهدم الباذلون أكواخ عزائهم ، عفوا ... قصور عزائهم ، لينصبوا له في مهجهم " بيت أحزان " .

وطأطأت الأكف أصابعها بالحسرة ...

وتوقف الفؤاد من طبل النبض ...

وأغمضت العيون  إبصارها لئلا يعميها الغياب فأبصرت القلوب ...

وخمد لهيب خيام القلب من ثورة البركان ... وهدأت النفوس عن حر الجوى ...

وراح اصحاب الأقدام التي ما أنفكت تحث الخطى صوب النور ؛ يبلسمون الجراح .

وراحت قوافل الحجيج تنفض من كل فّج عميق بعد ان دخلوا الحسرات أفواجا وطافوا كعبة الخلود .

وجمعت النسوة ما علق بخمار خدورهن من ترب أقدسيا استثارته إقدام السائرين ، ليكتحلن بهالة النور .

ولملم الأطفال " بيت بيوتهم " وصدى " من الذي أيتمني على صغر سني " أنشودة أمل لا تغادر براءة الذكرى . 

وتنفست رئة الصبر نسائم خالجها بحاح المنادون إن " لبيك يا حسين " .

فـ " يا ليتنا " لم تكن " ليتنا " !!! بل " كنا معكم ... وفزنا الفوز العظيم .

نعم ...

أنها الليلة الحادية والأربعين ...

حيث توقف ذلك السيل الجارف من العشق ...

واحتفظت السماء بملامح الشوق لتمطره رحمة على ارض الرحيل ...

وهاجرت نوارس الطف  ولاذت بضفة الانتظار ...

وراح العاشقون يشحذون حزنهم لأربعين قادم ، يقتاتون عامهم له ، ويرجون العمر ؛ كل العمر ، أربعينا .

وإطلال خطاهم ينبئ الرائي بأن ها هنا محط رحال " العاشقون " .

 

بلاسم الشمري