هيهات للمؤمن ان يرضى عن نفسه ، وأي رضا وأي عبادة وأي شكر توف حق المنعم العظيم ؟! فكيف بمن قصر وسعه عن أداء هذا البسيط او تقاعست همته عن الشخوص في جموع الموفقين لها ...

حسرة كبيرة تغتدي وتروح على قلوب المحبين بسبب ذلك التقصير .. كانت تردد " وسبل الراغبين أليك شارعة " وكأنها تبحث عن منجى في مكامن ما أودع فيها من فطرة وبين ما نبه اليه من مرضي السعي والعمل .

ها هي اخيرا تجد ذلك السبيل .. بل كان تحت قدميها دون ان تنتبه .. كانت تسعى فيه بلا إرادة .. ولمعت عيناها للبشرى ..

لقد وفقني لما خلقت له ..

لكنها لم تصدق ! ظلت تراجع مع نفسها احداث كثيرة ، مواقف تومض بسرعة وتختفي .. رغم ان " أعلام القاصدين أليك واضحة " ، حينها كان قرار البداية ..

" دفتر صغير " جعلته في حقيبتها .. دفتر صغير يختصر كل القصاصات الورقية المتناثرة بين أغراضها بل يختصر حتى ملاحظاتها في الموبايل والصور التي تنسى غالبا اين كتبتها .. من الآن عليها ان تكون قاصدة ومنظمة في صلاة وصلها ..

وعلى بركة الله باشرت مع أول طلوع للشمس .. كتبت عليه تلك الجملة العظيمة المعنى من زيارة أمين الله " وسبل الراغبين إليك شارعة " ... اللهم هذا سبيلي إليك.. وشرعت بكتابة اخر حاجة كلفت بها من قبل الطفلة اليتيمة زهراء تسال عن مدرسة تساعدها بسبب ضعف البصر.. وأمام تلك العبارة كتبت " أبو حسن " و " أبو منتظر " ، هوﻻء من تظن ان عليها سؤالهم لقربهم من تلك الأمور .

هكذا استمر اليوم الإول ، ففي طريق العمل أوصتها زميلة بشراء بعض الأشياء التي قيدتها بالدفتر ، في السوبر ماركت سألها البائع عن فرص التعيين فلديه دبلوم سياحة ! في نهاية العمل اتصلت أختها تريد منها الذهاب معها الى طبيب او البقاء مع اوﻻدها الصغار ريثما تذهب وتعود .

كانت الأسطر تتوالى .. وحرصت ان تكتب أسماء الأشخاص ممن يمكنهم قضاء تلك الحاجات ، حتى اذا ما سمح الوقت اتصلت بهم وشطبت على جانب الاسم بعلامة الانجاز .

في مساء ذلك اليوم كانت فخورة ، وهي تتذكر أحاديث آل محمد عليهم الصلوات والرحمة ، " من نعم الله عليكم حوائج الخلق اليكم " و " الساعي في حاجة اخيه كالساعي بين الصفا والمروة " ، " ومن كان في حاجة اخيه كان الله في حاجته " ، ثمة ما يشعرها بالرضا ليس لأنها أدت ما عليها من شكر المنعم ؛ بل لأنها عرفت السبيل اليه ، سيما إن بعض تلك الحاجات المدونة قد يؤثر على سلامة وأمن بلد ، ومنها ما يلبي حاجة العائلة ومنها ما يكون لمن ﻻ تعرف ..

أحبته من كل قلبها ، ذلك الدفتر الصغير .. وحرصت على ان ﻻ تبوح بما فيه ﻻحد .. متمنية على الله عز وجل ان يكون في صحيفة أعمالها وأن يكون موثقا بشهادة الملكين الكرام ، وتلك والله عبادة سهلة .

لبنى مجيد حسين