وطننا يتشظى ألما ، مع كل تفجير يهز مدننا الآمنة .. ورغم علمنا بأنه رد العدو على انكساره البيّن في ساحات الجهاد ، الا ان صلاة الشكر اختلطت علينا بصلاة الوحشة !!!

وكي لا نصاب بدوار يشمت فيه عدونا .. تعالوا لنعقد صفقة الموت بروح رياضية ، علنا نخفف عن انفسنا مؤونة الصدمة التي باتت تتكرر كثيرا ! .

الحمد لله والحمد حقه، الموت ووجوده ، وحتميته أمر مفروغ منه عند الجميع ، وهو من زاوية رؤيتنا الاسلامية بل ومن خلال ما وضحه لنا أهل بيت العصمة ؛ أجلى صورة وأكثر بيان ، فهو يمثل انتقال الإنسان من عالم الدنيا الى عالم اخر من عوالم الوجود وليس الى الفناء والعدم .

وعليه .. سأدخل في صلب الموضوع من خلال خمس نقاط ، وكما يلي :

اوﻻ ... الموت حتمي وكل حي سالك السبيل .

ثانيا ... موعده غير معلوم ﻻ يرتبط بعمر الإنسان وﻻ رغبته ، وان كان هناك مبحث كامل حول الموت المحتوم والمخروم الا انه في نهاية المطاف ﻻبد له من موعد يقدره الله عز وجل ﻻ البشر .

ثالثا ... طريقة الموت تختلف من مرض وعرض وحادث وجهاد وفجأة، أقول ذلك وأستذكر مات قاله الشاعر  :

من لم يمت بالسيف مات بغيره     تعددت الأسباب والموت واحد

بل بت ﻻ استغرب الحديث " خير الموت القتل في سبيل الله " لكثرة الأحبة المتزاحمين على سواتر الجهاد . " فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر " .. على عكس ما تركن له النفس اللاهية في المادة والتي تفتن صاحبها بالمحافظة على الحياة كقيمة عليا ، بمعنى الحياة من اجل الحياة ، ثم ماذا ؟ ﻻ احد يدري ! حتى اذا جاء موعده قضاه على فراش المرض او هرما ﻻ يعلم من بعد علما شيئا ، راضيا ان يكون من اسقط متاعه في هذه الحياة الدنيا التي كانت فرصته للفوز بمستوى أعلى من الحياة الكريمة المتنعمة في العالم القادم .

رابعا... ﻻ يفوتكم مغزى الحياة وفهمه الذي يقودنا لفهم الموت ، فلماذا نحن هنا نبني ونختار الأفضل ، وﻻ نبني ونختار الأفضل هناك ؟ هل ننكر الموت ؟ هل ننكر ما بعد الموت مما جاءت به الشريعة التي نؤمن بها ؟ هل نريد ان نسلم انفسنا لخاتمة مفاجئة وغير موفقة رغم علمنا السابق بها ؟! أم نريد ان نقصد في الموت ؟ فنقول " اللهم بارك لنا في الموت " و " اللهم أحينا على ما أحييت عليه محمد وال محمد وامتنا على ما أمت عليه محمد وال محمد " و " وقتلا في سبيلك فوفق لنا " و " أحيني ما كانت الحياة خيرا لي فان كان عمري مرتعا للشيطان فاقبضني أليك قبل ان يستحكم غضبك علي " .

أليست هذه العبارات تمنحك الهدوء والاطمئنان ، وتجعلك تختار وﻻ تنفعل ؟ هلا نقصد في الموت إذن ؟

خامسا... نحتاج ان نميز بين ألم الفراق وفقد الأحبة وبين الرضا بقضاء الله وحكمته ، وان ﻻ ننسى إننا عبيده المخلوقون بأمره الى حين ، قد انعم علينا بفرصة للتكامل والبناء وانه وهبنا الأهل والأولاد أمانات مستودعة ﻻبد لها من يوم ترد فيه فيرحلون عنا او نرحل عنهم ، ومن ذلك حث اهل البيت على ذكر الموت وعدم الغفلة عنه .

سأعود الآن واختصر فأقول ...

اذا كان الموت أمرا حتميا فالاختيار أفضله واذا كان موعده غير معلوما فلأكون مستعدا له، مرتديا هذا " الأفضل " ، قصدا وتطبيقا ، واذا كان هو بابا للعروج لعالم الجزاء فلأجدُ في اكتشاف نفسي ودوري في الحياة حتى أقول كما قال أميري " فزت ورب الكعبة " .

وأن غضي الطرف عن كل ما تقدم لن ينجيني من الموت . وان أبقى جاهلا به لن ينجيني أيضا ، فالرأي ان أكون مستعدا للموت ، وأن أحيا الحياة الحقيقية التي تستحق نهاية مباركة ... أسوة بمن يتسابق الى السواتر من الشهداء

مواكب خدمة تصعد وتنزل وهي تهزج بإحدى الحسنيين ، خدام الحسين يتسابقون للخدمة، خدام الأيتام يتعبون من اجلهم، علماء يفنون حياتهم في العلم فهو وسيلتهم لله، عماﻻ لله ﻻ تعرفهم ؛ يسعون في حوائج الناس ليلهم ونهارهم، مواطنون يقضون جل وقتهم في حفظ هذا الوطن وهذا الدين...  

اذا لم تكن من هؤﻻء وأمثالهم ؛ فعليك ان تتقبل انك ميت في الأحياء، لا يعوزك الا جرس النهاية .

لبنى مجيد حسين