إني نذرتُ للرحمن صوما

جهزت أمتعتي وحملت حقائبي، أتهيئ لسفرٍ ، اعد له كل عدتي ، مهتمةٌ بكل تفاصيله حيث لا أنسى او أتناسى ..

رحلةٌ امضي بها بتمعن كمن ينظر خلف مكبرته يقيم لؤلؤة عُرضت عليه ؛ إن كانت نادرة ثمينة كما هو متوقع أم لا ، ليضع لها سعراً حقيقياً يناسبها في النهاية ... أشبه بالبحث عن عمق جوهر ومصداقية عقيدة .

ها أنا كما أمرني ربي في رحلة صومي ، مججت المشقة من فمي ورميتُ خلف أكتافي كل ما يشوب تلك التجربة الفريدة ، ومضيت بهالةٍ من رحمةٍ إلهية ، فعقدتُ نية الانصياع لكل ما أمر ونهى ، بجسدٍ أخذ نصيبه من تلك الرحلة  بجوعها وعطشها، ليستفز مكامن الصبر والعملً، خاضعة بذلك كل حواسي له وحده سبحانه، فلا يرتد لي طرف لغير وجهه، ولا يهوى القلب إلاه، حتى الجسد لم تعد تستميله الدنيا ...

بل وحتى منبع الفتن ذاك ، أصبح لا يلهج الا بذكر الله ، مختلطاً بالكلمة الطيبة ليكون مزيجاً من طاعة متكاملة لأمة بأسرها بهيئة فرد واحد .

تلك هي رحلتي ... قصيرة لكنها كافية للتقييم والتقويم، أنا بها كطفل صغير رأى انعكاس وجهه بعوالمها، حتى نشأت مترفعاً عن دونية ما دون خَلقي وخُلقي ، و أضحيتُ أدعوا وأرجوا أن تتأهب روحي دوماً لسفرٍ كهذا، ولكي لا تبقى هذه الروحانية اسيرةً بقيود ايامٍ معدودة من سني عمري، وكما اسميتها رحلة بصيرة .. رحلة الاختبار .

نغم المسلماني