عجيب أمر هذه الفتوى، فظاهرها الدفاع عن الوطن والمقدسات وباطنها اكتمال الرشد وخبر السرائر ورفع الطين الى لطيف المعاني ...

ليس كل مقاتل كحسن، ثمة نفوس ﻻ يقر لها قرار الا بالكمال ... لذلك يشغلها جهاد الداخل والخارج عن العالمين، فهي مثل كل البشر قد تغفل ولكنها تذكي نار الوصل كي ﻻ يغلب عليها نوم الغافلين ... لذلك صال وجال حسن منذ انطلاق الفتوى ﻻ يعبئ ببرد وﻻ حر ، وهو ينتقل من لواء الى اخر بين مقاتل ومسعف للمقاتلين، كمن وجد في الجهاد ضالته وتنفس روحه المكتوم في عالم المدينة ...

حسن يجد في طلب المجد وبياض السيرة وثبات الموقف حتى بنى الإنسان في نفسه، بنى له تاريخا يرضيه؛ وهو يشق عباب المعارك بقلب أسد ...

ماذا تريد يا حسن؟

أ تريد أن تكون عملة نادرة في الزمن الصعب ؟

أن تقبل على الله بأوسمة مميزة ؟

أن تكون قربان على طريق الحسين ؟

أي زهو يدفعك الى ركوب الخطر ؟

انتبه حسن ... لقد جاءك امتحان اخر صعب على ذوي العضلة سهل على ذوي البصيرة ...

أي حسن ؛ كلفوك مرابطا تقف على احد الثغور ، فأقبل ...

حسن في وسط ساحة تموج بالأعداء والرفاق ، من أين له القدرة على الصبر وقوفا ؟! وترك زهو الصولة ... وتسمر حسن في مكانه ليس بالأمر الهين على الرجال ... ان يقفوا حين تطمح قلوبهم لنيل الأفق أنى له ترك فوجه ؟

قدماه لم تكن تتحرك وهاتف يهتف في سمعه " اقبل يا حسن ... فهم يحتاجون وعيك وحنكتك هنا ... ﻻ تترك ما خصك الله به من الفضل ... ﻻ تفضل انتمائك الضيق على انتمائك الأسمى لله ... ﻻ تبالي بصنع تاريخ للذات !

وأي ذات ! اي قيمة لذواتنا ؟ نحن عباد ونخدم حيث يريد ربنا ؛ ﻻ حيث تريد انفسنا وتستأنس ، وقد أتتك فرصة ... فلأي شيء تتردد ؟

اصبر ... فامتحانك الجديد يبشر لك بتوفيق من نوع اخر؛ ستقطف ثمرته في القريب ، فما بعد سعيك ان تكون شيئا ذا قيمة في سبيل الله ثمة درجة ، ان ﻻ تكون لنفسك قيمة إمام إرادة لله ... أكسر الأنا وتحرر ، فالمجهول عن أعين الناس ليس بخاف عن ربهم ، بل هو اقرب ان كان حسن السريرة ! وقد كان ... فطوبى للمجاهدين والمرابطين في سبيل الله صبرهم .

لبنى مجيد حسين