جن الليل ؛ وها أنا أجلس خلف حاسوبي ؛ أقلب صفحاته الإلكترونية ، لأقرأ معلومة مفيدة ؛ وأخرى لا معنى لها ! .

يدفعني فضولي ليس إلا، يومي يمر كسابقه ، محكوماً برتابته المعتادة ؛ والنعاس أطبق على أهدابي المتعبة ؛ لينذرني بحلول وقت النوم ...

كدت أتوقف ... لكن لا أعرف ما الخيط الذي لا زال يشدني للتصفح ! فقد استوقفتني عبارة قرأتها بين السطور ، حولت السكون المخيم على أرض غرفتي الى حلبة من الأفكار المتبارية ، ونصها " موتوا قبل أن تموتوا " ...

قرأتها ووقفت مكاني ، كأني عند مفترق طرق ، لا أعرف ما هي محطتي القادمة ، لأتساءل ...

أين أنا ؟؟

وما الذي ادخرته ؟؟

ماذا تزودتُ ليوم زادي ومعادي ؟؟

سأعتصر ذاكرتي المبعثرة في زحمة تلك الفوضى واستعيد شريط يومي ، لأرى إن كنت صرخت بوجه أحد أو اغتبت أحدا اليوم يا ترى ؟

هل كذبت ؟

لف سؤال وسؤال يطلبُ الإجابة ، وما هي إلا ثوانٍ حتى بدأت أتذكر !!!

أجل ربما كذبت وأسميتها كذبة بيضاء !!!

واغتبت أحداهن وأنا أوهم نفسي أني أفضفض ليس إلا !!!

وأطفالي ... نعم ، صرخت بوجههم وأبكيتهم حباً بهم ، فمن أجلهم  اقسوا عليهم أحياناً !!!

وأمي ... يا ألهي ؛ لقد تنمرت عندما طلبت  مساعدتي، لكني أحبها ورضاها هو غايتي ومنتهى رجائي !!!

وأحدهم طلب مساعدتي ، وحالت مشاغلي عنه دون الاكتراث لحاله !!!

وهكذا بت أتذكر وأتذكر ...

لم يغمض لي جفن تلك الليلة ، فتلك العبارة قضت مضجعي وأيقظت غفلتي وطرقت أبواب النقاش ، عندها فر النوم وتلاشى الملل ، وبدأ حساب النفس ؛ لما فعلت هذا ؟ ولما فعلت ذاك ؟ لما غَبَرتُ قدماي مبتعدة عن مسكني الآمن لأتخبط بالأخطاء والذنوب ؟

ومنذ ذلك اليوم وجدت الإجابة والحل ... وبدأت أؤمن بضرورة الموت الافتراضي قبل الموت الحقيقي ...

أؤمن بنظرية " أن أرسم أفكاراً وأبني أفعالاً وكأني سوف أموت اللحظة وأصعد بين يدي ربي ، فأرى روحي معلقةً  بين جنته وناره تنتظر حكمه الأخير " .

نظرية تقربني من الله أكثر وأكثر، بها لم يبق لي عين ترى الدنيا أو روح تعشق زينتها ...

أصبحت لا أرى إلا الله سبحانه ؛ عسى أن ينظر إلي بعين الرضا ...

هكذا كنت وبهذا ، أصبحت ، فالحمد لله الذي صير سالف ذنوبي إلى حاضر ملؤه العمل الصالح .

 نغم المسلماني