السؤال: على من يجب الانفاق والبذل ؟

الجواب: يجب على الابن الإنفاق على الأبوين. يجب على الأب الإنفاق على الولد ذكراً كان أو أنثى. يشترط في وجوب الإنفاق على القريب فقره ، بمعنى عدم وجدانه لما يحتاج إليه في معيشته فعلا من طعام وإدام وكسوة وفراش وغطاء ومسكن ونحو ذلك. لا تقدير لنفقة القريب شرعاً ، بل الواجب القيام بما يقيم حياته من طعام وإدام وكسوة ومسكن وغيرها مع ملاحظة حاله وشأنه زماناً ومكاناً. إذا امتنع من وجبت عليه نفقة قريبه عن بذلها ، جاز لمن له الحق إجباره عليه ، ولو باللجوء إلى الحاكم وإن كان جائراً ، وإن لم يمكن إجباره فإن كان له مال جاز له أن يأخذ منه بمقدار نفقته بإذن الحاكم الشرعي ، وإلا جاز له أن يستدين على ذمته بإذن الحاكم ، فتشتغل ذمته بما استدانه ويجب عليه قضاؤه ، وإن تعذر عليه مراجعة الحاكم رجع إلى بعض عدول المؤمنين واستدان عليه بإذنه ، فيجب عليه أداؤه. إذا توقفت صيانة الدين الحنيف ، وأحكامه المقدسة ، وحفظ نواميس المسلمين ، وبلادهم على إنفاق شخص أو أشخاص من أموالهم ، وجب وليس للمنفق في هذا السبيل أن يقصد الرجوع بالعوض على أحد ، وليس له مطالبة أحد بعوض ما بذله في هذا المضمار.

 

السؤال: ماهي شروط في وجوب الانفاق على من له قرابة وكان فقير ؟

الجواب: يشترط في وجوب الاِنفاق على القريب فقره، بمعنى عدم وجدانه لما يحتاج اليه في معيشته فعلاً من طعام وأدام وكسوة وفراش وغطاء ومسكن ونحو ذلك، فلا يجب الاِنفاق على الواجد لنفقته فعلاً وان كان فقيراً شرعاً اي لا يملك مؤنة سنته، واما غير الواجد لها فان كان متمكناً من تحصيلها بالاِستعطاء أو السؤال لم يمنع ذلك من وجوب الاِنفاق عليه بلا اشكال، نعم لو استعطى فأعطي مقدار نفقته الفعلية لم يجب على قريبه الاِنفاق عليه، وهكذا الحال لو كان متمكناً من تحصيلها بالأخذ من حقوق الفقراء من الاَخماس والزكوات والصدقات وغيرها، أو كان متمكناً من الاِقتراض ولكن بحرج ومشقة أو مع احتمال عدم التمكن من وفائه فيما بعد احتمالاً معتدّاً به، واما مع عدم المشقة في الاِقتراض ووجود محل الاِيفاء فالظاهر عدم وجوب الاِنفاق عليه. ولو كان متمكناً من تحصيل نفقته بالاِكتساب فان كان ذلك بالقدرة على تعلّم صنعة أو حرفة يفي مدخولها بنفقته ولكنه ترك التعلّم فبقي بلا نفقة وجب على قريبه الاِنفاق عليه ما لم يتعلّم، وهكذا الحال لو امكنه الاِكتساب بما يشق عليه تحمّله كحمل الاَثقال أو بما لا يناسب شأنه كبعض الاَشغال لبعض الاَشخاص ولم يكتسب لذلك فانه يجب على قريبه الاَنفاق عليه. وان كان قادراً على الاِكتساب بما يناسب حاله وشأنه كالقوي القادر على حمل الاَثقال، والوضيع اللائق بشأنه بعض الاَشغال، ومن كان كسوباً وله بعض الاَشغال والصنائع وقد ترك ذلك طلباً للراحة، فالظاهر عدم وجوب الاِنفاق عليه، نعم لو فات عنه زمان اكتسابه بحيث صار محتاجاً فعلاً بالنسبة الى يوم أو أيام غير قادر على تحصيل نفقتها وجب الاِنفاق عليه وان كان ذلك العجز قد حصل باختياره، كما انّه لو ترك الاِشتغال بالاِكتساب لا لطلب الراحة بل لاِشتغاله بأمر دنيوي أو ديني مهم كطلب العلم الواجب لم يسقط بذلك التكليف بوجوب الاِنفاق عليه.

 

السؤال: اذكروا لنا ما ورد في القران الكريم عن الانفاق في سبيل الله وما ورد عن الائمة المعصومين عليهم السلام في الانفاق والبذل ؟

الجواب: حثنا الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم على الإنفاق في سبيله ووصفه بأنه تجارة لن تبور ،

فقال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : (إن الذينِ يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية يرجون تجارة لن تبور ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور) ،

وقال جلّ وعلا في سورة أخرى (من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له وله أجر كريم ، يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم).

وذكّرنا الله سبحانه وتعالى في اَية ثالثة بالإسراع في الإنفاق قبل فوات الأوان فقال : (وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول ربِّ لولا أخَّرتني الى أجل قريب فأصَّدَّق وأكن من الصالحين ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون).

ثم بيّن لنا سبحانه تعالى مصير أولئك الذين يجمعون المال فوق المال فيكنزونه ولا ينفقونه في سبيل الله ، فوصفه بما يرهب ويخيف ،

فقال في محكم كتابه المجيد (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم ، يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون).

وقد مثّل الإمام علي (ع) مبادئ الإسلام العظيمة وجسّدها فأنفق ما وسعته يداه زهداً في هذه الدنيا الفانية وإعراضاً عن زخرفها وزينتها يوم كانت تحت يده موارد بيت مال المسلمين بأجمعها ،

فقال أمير المؤمنين واصفاً حاله «ولو شئت لاهتديت الطريق الى مصفّى هذا العسل ، ولباب هذا القمح ، ونسائج هذا القزّ، ولكن هيهات أن يغلبني هواي ، ويقودني جشعي ، الىَ تخَير الأطعمة ، ولعل بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص ، ولا عهد له بالشبعِ . أوَ أبيت مبطاناً ، وحولي بطون غرثى ، وأكباد حرَّى ، أو أكون كما قال القائل:

وحسبك داء أن تبيت ببطنة وحولك أكباد تحنُّ الى القدّ

وقد وردت أحاديث عن النبي (ص) والائمة (ع) تصرِّح بآثار ومنافع يجنيها المنفق ، وهو بعد في دار الدنيا ، زيادة على ما ينتظره من عظيم الأجر (يوم لا ينفع مال ولا بنون).

فما يجنيه المنفق , الرزق ,

قال النبي (ص) : «استنزلوا الرزق بالصدقة».

ومما يجنيه ، علاج المرض ،

فعن النبي (ص) أنه قال : «داووا مرضاكم بالصدقة».

ومما يجنيه المنفق ، زيادة العمر ، ودفع ميتة السوء ،

فعن الإمام الباقر (ع) أنه قال «إن البرَّ والصدقة ينفيان الفقر ويزيدان العمر ويدفعان عن صاحبهما سبعين ميتة من السوء».

ومما يجنيه ، قضاء الدين ، والبركة ، فعن الإمام الصادق (ع) أنه قال «إن الصدقة تقضي الدين وتخلِّف البركة».

ومما يجنيه المتصدق ، حسن الخلافة على أولاده ،

فعن الإمام الصادق (ع) أنه قال «ما أحسن عبد الصدقة في الدنيا إلاّ أحسن الله الخلافة على ولده من بعده».

كما قال الإمام الباقر (ع) «ولأن أعول أهل بيت من المسلمين وأشبع جوعتهم وأكسو عريهم وأكف وجوههم عن الناس أحبُّ إليَّ من أن أحج حجة وحجة وحجة ، حتى انتهى الى عشرة مثلها ، ومثلها حتى انتهى الى سبعين».

والإنفاق في سبيل الله باب واسع لا تلمُّ جوانبه هذه العجالة.

 

المصدر: موقع المرجع الديني الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله)