المرجعية العليا تتقدم بالتهنئة والتبريك للمقاتلين وتكشف عن الجهات التي لها الحق برفع راية النصر الحقيقي عند انجازه قريبا

اشار ممثل المرجعية الدينية العليا، الجمعة، ان المقاتلين الابطال الذين يخوضون غمار معركة الموصل اضافوا نصرا مميزا أخر الى سجل الانتصارات العراقية الكبيرة، مبينا انه بعد مضي ما يزيد عن (9) أشهر من القتال الضاري وفي ظروف قاسية ومعقدة جدا فرضتها عوامل عديدة اهمها، احتماء العدو بالمدنيين وجعلهم دروع بشرية تكللت جهودهم وجهادهم بتحقيق حلقة مهمة اخرى من حلقات انتصار العراقيين على الارهابين الدواعش.

وتقدم الشيخ عبد المهدي الكربلائي في الخطبة الثانية لصلاة الجمعة من الصحن الحسيني الشريف اليوم الجمعة (30 /6 /2017) بالتهنئة والتبريك، قائلا، اننا بهذه المناسبة نتقدم بالتهنئة والتبريك الى هؤلاء الابطال الميامين لانجازاتهم الرائعة وانتصاراتهم المهمة شاكرين لهم قادة ومقاتلين جهودهم العظيمة وتضحياتهم الجسيمة مترحمين على شهدائهم الابرار وداعين لجرحاهم الاعزاء بالشفاء العاجل.

واكد الشيخ الكربلائي ان صاحب الفضل الاول والاخير في هذه الملحمة الكبرى التي مضى عليها الى اليوم ثلاثة اعوام هم، المقاتلون الشجعان بمختلف صنوفهم ومسمياتهم، من قوات مكافحة الارهاب، والشرطة الاتحادية، وفرق الجيش العراقي البطل، والقوة الجوية، وطيران الجيش، وفصائل المتطوعين الغيارى، وابناء العشائر العراقية الاصيلة، ومن ورائهم عوائلهم واسرهم، ومن ساندهم من مواكب الدعم اللوجستي، مشيرا انهم هم اصحاب الملحة العظيمة التي سطروها بدمائهم الزكية وتضحياتهم الكبيرة وهم الاحق من الاخرين ايا كانوا برفع راية النصر النهائي عند انجازه قريبا بتحرير بقية المناطق التي مازالت تحت سيطرة عصابات داعش الاجرامية.

واضاف ان مسيرة السنوات الثلاث الماضية تكشف بوضوح عن ان الاعداء ان تمكنوا من تحقيق اهدافهم الخبيثة في اجزاء من ارض العراق الطاهرة لبعض الوقت، فان الشعب العراقي بما يحمله من مبادئ وقيم ومايجري  في عروق ابناءه من رفض للضيم والظلم لن يدعهم يهنئون بذلك بل يبذلون الغالي والنفيس ولا اغلى وانفس من دمائهم الزكية وارواحهم الطاهرة في سبيل الذود عن العرض والارض والمقدسات.

وقال ممثل المرجعية الدينية العليا ان الاعوام الثلاثة الماضية اثبتت اصالة الشعب العراقي واستعداده العالي للتضحية والفداء في سبيل كرامته وعزته متى دعت الحاجة الى ذلك، وان له رصيدا من الرجال الاشداء والنساء الغيورات مايطمئن معه بتمكنه من تجاوز المحن والمصاعب والازمات التي تعصف بالبلاد.

داعيا الجميع للوقوف الى جانب البلد لتحقيق ما يصبو ويسعى اليه من مستقبل ينعم فيه بالامن والرفاه والتقدم والازدهار.

وسلط الشيخ الكربلائي الضوء خلال الخطبة على منظومة التعايش الاسلامي السليمة في مجتمع متعدد الانتماءات المذهبية والدينية، قائلا، كما تعلمون ان مجتمعنا والكثير من المجتمعات الاسلامية الاخرى تعيش ظاهرة تعدد وتنوع الانتماءات المذهبية والدينية ضمن الوطن الواحد، مبينا ان هذا التنوع نابع من الاختلاف في المنظومة العقائدية والثقافية العامة والاجتماعية والسياسية لاي هوية مذهبية ودينية، مشيرا الى ان هذا الاختلاف في المنظومة تنشأ عنه بعض الامور السلبية التي تحتاج الى معالجة.

واستدرك ان هذا الاختلاف يؤثر على الانسجام والتقارب الاجتماعي وطبيعة العلاقات الاجتماعية في المجتمع ضمن الوطن الواحد، فضلا عن تأثيره على سلمية التعايش الاجتماعي الذي اذا لم يعالج يجر المجتمع الى صراع مذهبي وديني، مؤكدا الحاجة الى وضع منظومة فكرية وسياسية واجتماعية يتلافى من خلالها الاثار السلبية.

 

واوضح ان هنالك مجموعة من القواعد والاسس التي تحتاج لها المنظومة العقائدية والفكرية لتلافي الاثار السلبية، مؤكدا وجود ثلاث مواصفات للمعالجة تشير الاولى انه كلما كانت المنظومة العقائدية والاجتماعية والثقافية العامة والسياسية  اقرب الى العقلانية والفطرة السليمة في نظرة كل مذهب ودين كلما امكن ذلك من معالجة الاثار السلبية، اما الثانية فانها تخص القادة ومن يمسكون بزمام الامور الذين كلما كانوا اكثر نضجا وعقلانية وقدرة على ادارة العلاقات الاجتماعية بين اتباعهم واتباع المذاهب والديانات الاخرى كلما تمكنوا من التوصل الى تعايش اجتماعي يضمن سلمية هذه العلاقات الاجتماعية، مشيرا الى ان النقطة الثالثة من تلك المواصفات تتمثل بانه كلما كان هنالك حرص على سلمية هذا التعايش وابعاده عن مخاطر العنف والصراع كلما امكن الوصول الى تعايش اجتماعي يضمن فيه قوة ورصانة وتماسك هذه العلاقات بحيث يطمئن الى ان المجتمع يبتعد عن أي صراع ديني ومذهبي.

واردف ان المنظومة الاسلامية تعاملت مع هذا التنوع والاختلاف ضمن الوطن الواحد بنقطتين، الاولى: تعاملت على ان هذا التعدد والتنوع كواقع حال لا محيد عنه ولا محيص فلا ان تعيش وان تقيم علاقات اجتماعية ضمن الوطن الواحد، اما الثانية: قننّت مجموعة من النظم الاجتماعية والفكرية والثقافية والسياسية، مؤكدا الحاجة الماسة لها في بلدنا لان الكثير من الاثار السلبية ترتبت بسبب عدم الالتزام بهذه المنظومة في بلدنا وبعض البلدان الاخرى.

واوضح ان المنظومة الاسلامية شرّعت مجموعة من الاسس الفكرية والثقافية العامة والاجتماعية والسياسية التي يُضمن من خلالها حصول تعايش اجتماعي وثقافي وسياسي بحيث يُضمن معه عدم انجرار المجتمع الى العنف المجتمعي والصراع المذهبي والطائفي والديني.

ونوه الى انه ورد عن اهل البيت عليهم السلام منظومة روائية تضم مجموعة من الروايات التي نظرت الى هذا الامر وتعاملت معه على اساس المنظومة الفكرية والثقافية والعقائدية، مبينا ان هذه المنظومة الروائية تضمنت كيفية التعايش السلمي في المجال الاجتماعي والثقافي والسياسي مع اتباع المذاهب الاخرى والديانات الاخرى من اجل صنع شخصية المواطن الصالح الذي يستطيع ان يقيم علاقات اجتماعية وثقافية وسياسية سليمة مع الاخرين وان اختلفوا معه في الانتماء المذهبي والديني.

واوضح ان البعض يرى بسبب سذاجته وتعامله مع الامور بسذاجة ان هناك تناقض وتنافي بين هذه التعليمات والتوجيهات التي وردت عن الائمة عليهم السلام في رواياتهم وبين حفظ هوية الذات والاتبّاع والانتماء، مبينا انه يقول انني اذا اتعامل بهذا الانتماء قد افقد الهوية الفكرية والهوية العقائدية والثقافية، مستدركا ان الامر ليس كذلك وان التأمل في هذه المنظومة الروائية يكشف عن وجود مجموعة من الامور من بينها حفظ المصالح العليا للمسلمين، وحفظ المجتمع بصورة عامة ضمن الوطن الواحد من الانجرار للصراع والضعف المجتمعي، فضلا عن حفظها للهوية العقائدية والسياسية والاجتماعية للاتباع، موضحا ان بعض الروايات اتسقت مع الفطرة والسيرة العقلائية ومنظومة المبادئ التي وردت من السماء على لسان الانبياء جميعاً.

واشار في ختام خطبته ان الانسان المنتمي لمدرسة اهل البيت يستطيع ان يتمكن ويحافظ على اسس هوية الانتماء لمدرسة اهل البيت عليهم السلام وفي نفس الوقت يقيم علاقات اجتماعية وثقافية وسياسية مع الاخرين وان اختلفوا معه في طبيعة الانتماء المذهبي والديني.

ولاء الصفار

الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة

 

gate.attachment