ممثل المرجعية الدينية العليا يحدد... كيفَ نصلح علاقتنا مع الله؟

اشار ممثل المرجعية الدينية العليا أن الامام علي عليه السلام بين  في مواطن كثيرة وظيفة الإنسان في الدنيا، وحذر من مغبة الوقوع بشراك امور عدة في حال التراخى، موضحا ان الإمام عندما ينظم بين حالة وأخرى فهو يريد أن يبين أن المقادير تجري علينا جميعاً، والإنسان العاقل من يعتبر بما قبله.

جاء ذلك خلال الخطبة الاولى من صلاة الجمعة التي اقيمت في الصحن الحسيني الشريف الجمعة (17/3/2017) بإمامة السيد احمد الصافي.

وقال "نحن نعيش مكبّلين بحيث لا يمكن أن نتخلص من بعض الأمور، ونحن مقهورون عليها شِئنا أم أبينا ومنها الموت الذي سنواجهه قطعاً، ولا يمكن أن ندفع عن أنفسنا، وبالنتيجة لابد أن ننتقل بعد طول مدة أو قصرها".

واضاف ان "أمير المؤمنين يتحدث عنه الإمام الباقر ويقول: قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): (من أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس، ومن أصلح أمر آخرته، أصلح الله أمر دنياه، ومن كان من نفسه واعظ، كان له من الله حارس".

واكد السيد الصافي ان الأمور الثلاثة التي ذكرها أمير المؤمنين (عليه السلام) يعلّمنا من خلالها طريقة السلوك، وان الإنسان يحب أن يعيش حالةً جيدة لكنه لا يعرف كيف، فتراه يدخل من هنا ويخرج من هناك ويتدخل في أمر معين ويعطف على أمر آخر، وإذا تجده أشبه بالحشرة التي تلف نفسها بنفسها ثم بعد ذلك لا يمكن أن يخرج، فهو أوقع نفسه في مشكلة، وبعض القضايا سلوكية عامة، فنراه يصلي ويؤمن بالمعاد الا ان طريقة تعاطيه مع بعض الأمور قد يكون فيها نوع من التشويش، وهناك حالة من التوازن والتعقل، والمؤمن كلما كان أكثر عقلاً كان أكثر إيماناً، والتعقّل من الأمور الممدوحة، بأن الإنسان يستخدم عقله، فالتنافس هو تنافس العقلاء فيما بينهم، والعقل يأتي بالدين، والإنسان إذا كان عاقلاً يستخدم عقله دائماً ويجعله أمامه حتى يصل إلى مكان من الحق".

وتابع " نلاحظ من قول الامام (من أصلح ما بينه وبين الله) وجود عملية إصلاح مع الله، ونسبة العلاقة تكون نسبة رب مع مربوب وسيّد مع عبد ونسبة محيي ومميت وباقٍ مع فانٍ".

واوضح "في مقابل ذلك توجد علاقة الفساد وعلى الإنسان ان يصلح علاقته مع الله المطلع عليه، فهو الذي ينفذ إلى أعماقنا، وخالقنا وهو أقرب إلينا من أنفسنا، فإذاً نحن دائما في إحاطة الله تعالى في الرضا والغضب وفي الخلوات والحضور وفي الفقر والغنى، وانه لا تفرق عنده الحالة نهاراً أو ليلاً، أن أنطقَ بعبارة أو أضمرَ هذا المعنى، كلها بالنسبة إليه شيء واحد، فهو مطّلع، فإذا كان الأمر كذلك إذن لابد أنْ نُوقعَ أنفسنا تحت هذه العناية الإلهية بأن نكون في حالة تأهب وترقب وحالة من اليقظة، لأن الله تعالى لا ينام أو يسهو أو يحجبه عنه حاجب".

واستدرك ممثل المرجعية العليا ان الإمام (عليه السلام) يبين ان النقطة الأولى تمثل بداية التوفيق التي تبدأَ من إصلاح العلاقة مع الله عبر اداء الحقوق التي عليه والواجبات تجاه الله، ليكون في موضع الرضا من الله تعالى.

واردف ان الإمام (عليه السلام) يقول (ومن أصلح أمر آخرته، أصلح الله أمر دنياه)، مبينا إن إصلاح أمر الآخرة ليس بالأمر المستحيل الا انه يحتاج إلى تأمّل، مستشهدا برواية عن النبي (صلى الله عليه وآله) حينما كان مع مجموعة من الأصحاب فبدأ يشوقهم إلى الجنة، فقال لهم: من قال لا إله إلا الله أُعطي شيئاً في الجنة، ومن قال الحمد لله، أيضاً رُزق هذه الشجرة في الجنة، فرد عليه أحد الأصحاب قائلا: (إن شجرنا لكثير).. فالأمر سهل، عندما نقول الشكر لله أو سبحان لله وهكذا، ولكن النبي قال له: (ولكن لا ترسلوا عليها ناراً) ثم استشهد بالآية الشريفة: (يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا أعمالكم).

 وفي ختام خطبته اشار السيد الصافي إن إصلاح أمر الآخرة ليس مستحيلاً ولكنه بحاجة إلى تأمل، وإن العمل الذي يعمله الانسان يريد به وجه الله، ويصلح داره الأخرى، فيرتب أثاثها، وإذا حدث ذلك فإن الله تعالى يتكفّل به".

علي الشاهر

 

تحرير: ولاء الصفار

الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة

gate.attachment