228 ــ سلمان الربيعي: (1371 ــ 1420 هـ / 1951 ــ 2000 م)

سلمان الربيعي: (1371 ــ 1420 هـ / 1951 ــ 2000 م)

قال من قصيدة (المساء الأخير) وهي إلى السيدة زينب (عليها السلام) تخاطب ليلة العاشر وتبلغ (25) بيتاً:

فَلَكَمْ قلوبٍ سـوفَ تـذرفُ مِنْ دمٍ     دمعاً يفوقُ العارضَ السَّحّاحا

فغداً جميعُ الطاهرات بـ (كربلا)     كـلٌّ سـتـثـكـلُ سـيداً جِحجاحا

يـا ليلُ صُبـحـكَ مُـتـخـمٌ بـفجائعٍ     دمُـهـا سـيـغـمرُ أنجداً وبطاحا (1)

ومن نفس القصيدة:

ولـيـقـصـد الـظـمـآنُ مـاءَ غــديــرِنا     ليذوقَ من فيضِ الجنانِ قِراحا

لـو لا دمـانـا مـا اســتــقـامَ لـمـسـلـمٍ     ديـنٌ ولا بـدرُ الـكـرامـةِ لاحـا

ما سالَ من نحرِ الحسينِ بـ (كربلا)     للـمـجـدِ خَـطَّ المنهجَ الوضاحا

وقال من قصيدة (ذكرى أبي الأحرار) وتبلغ (42) بيتاً:

كلُّ المصائبِ إن تعاظمَ رزؤها      فـمـآلـهـا للـمـحـوِ والـنـسيانِ

إلا مـصـيبة سـادةٍ فـي (كربلا)      من حبِّهمْ يطفو لظى النيرانِ

من صُـرِّعـوا بـظـبا طغاةِ أميةٍ      مـن دونـمـا ذنبٍ ولا عدوانِ (2)

ومنها:

والله ما قتلوا الحسينَ بـ (كربلا)      إلا ابتغـاءَ عبادةِ الأوثانِ

صلى عـلـيـك اللهُ يـا مـن ذكـرُه      في خافقي ردّدته ولساني

وعلى ابنِ هندٍ والطغاةِ جميعهمْ      فـي كـلِّ آنٍ لعنةُ الأزمانِ

الشاعر

سلمان بن عاصي بن عبد علي الربيعي الملقب بـ (أبو أمل الربيعي) ولد في ناحية الإمام في المحاويل التابع لمدينة الحلة، وفيها أكمل دراسته وكان يجيد الانكليزية بطلاقة، كان من المعارضين للنظام البعثي الفاسد، وأسر في الحرب العراقية ــ الإيرانية، وقد آل به المآل في قم المقدسة حيث اغتيل هناك على يد عناصر النظام البعثي بسبب أشعاره التي كان يبثها في الإذاعة. (3)

أصدر ثلاثة دواوين هي:

١ ـ على أعتاب الديار ــ 1991

٢ ـ الديار المحجوبة ــ 1990

٣ ـ طيف الوطن ــ 1996

4 ــ طيف الزمن ــ 1992

قال عنه الدكتور المحقق سعد الحداد: (الشاعر المرحوم سلمان عاصي الربيعي الملقب بـ(أبي أمل) فسجله الشعري كان موازياً لسجله الجهادي، فهو لم يتكيف مع الروح الهمجية للسلطة الحاكمة لذا اتخذ من الغربة سبيلاً لمقارعة الظلم والاستبداد مجاهراً بلا هوادة في فضح أساليب النظام حتى اتسمت تجربته بألوان (المرارة والمحنة والاغتراب) ، وطغى مفهوم (الحنين) على نتاجه الغزير بمختلف أغراض الشعر وفنونه.

فالديار المحجوبة الصادرة نهاية الثمانينات مثّلت فضاءً رحباً للتعبير العقائدي ممزوجاً بمرارة الغربة. بعيداً عن أعين الرقباء وأقلام أزلام السلطة. وهي تمثل مفتتح المعاناة وابتداء تجربة ضخ فيها الشاعر ما عن له من نتاج ليؤسس له موطأ قدم في الساحة الثقافية المعارضة وليكون صوتاً مناهضاً ومدوياً قبالة تيار مؤسسة السلطة الذي آزر الحرب ودافع عن النظام.

كانت القصيدة عند الربيعي (تعبوية التوجه)، مخطط لها بإحكام يركن فيها بجد الى معطيات علوم العربية في تشعباتها التي يرى فيها نوعاً من الانتماء الى الأصيل والثابت الذي يشكل هويته الشعرية، فضلاً عّما كان يمثله من معين ثرّ في سد احتياجات المنبر الحسيني الى الجديد من النصوص. فهو على أهبة الاستعداد لتلبية نداءات الولاء والقضية الحسينية التي كانت له بمثابة الحافز القوي لشحذ الهمم وعدم التراخي في الدفاع عن قضيته المصيرية التي تغرّب من أجلها) (4)

شعره

قال من قصيدته (المساء الأخير):

فغداً بأرض الطفِّ طُهْرُ دمِ الهدى     يـغـدو بـشـرعِ الظالمين مُباحا

حـيـث الـطغاةُ على ابنِ بنتِ نبيِّهم     جـيـشـاً أراهم حشَّدوا وسلاحا

وأراه قـلـبـاً ظــامــئــاً مـا بـيـنـهُـمْ     وسـيـوفُـهــم قـد أثخنتْهُ جراحا

وأرى أخي العباسَ من طـعنِ القنا     نـسـراً لــه جـذَّ الـطـغاةُ جناحا

وعـلـى رمـال الطفِّ أجساداً أرى     زُحلاً شــأت بـعلوّها وضُراحا

وجلـيـلُ مـا تـبـكـي له عينُ الهدى     ويـزلـــزل الأبـدانَ والأرواحا

نـحـرُ الـرضـيعِ غداةَ يُرسَلُ نَحوَهُ     سَهمُ (ابن كـاهل) خارقاً ذبّاحا

وقال من حسينية أخرى:

يـا ذائـداً عــن ديـنِ جـدِّكَ أحـمـدٍ     ومـنـاوِئـاً لـلظلمِ والطـغيانِ

لـمـا رأيــتَ الــديــنَ كـوَّرَ بـدرَه     والأمرُ آلَ لعصبةِ الشيطانِ

ودعـيـتَ مـن أهـلِ العراقِ لنجدةٍ     من جـورِ كلِّ منـافقٍ خوّانِ

فخرجتَ في طلبِ الصلاحِ لأمّةٍ     كشـعـيـب راح لمـدينٍ ببيانِ

ما رمـتَ إلا أن تـسـودَ شـريـعةٌ     غـرّاءَ يـأوي ظـلـها الثقـلانِ

......................................................................

1 ــ ليلة عاشوراء في الحديث والأدب للشيخ عبد الله الحسن ص 259 ــ ٢٦٠

2 ــ الحسين في الشعر الحلي ج 1 ص 458 ــ 460

3 ــ نفس المصدر ص 457

4 ــ مقال بعنوان وقفات على أعتاب الديار / موقع كتابات في الميزان بتاريخ 10 / 1 / 2020

كما ترجم له:

حسين الشاكري / علي في الكتاب والسنة والأدب ج 5 ص 358

إميل يعقوب / معجم الشعراء منذ بدء عصر النهضة ج 1 ص 494

كامل سلمان الجبوري / معجم الشعراء ج 2 ص 343

gate.attachment

كاتب : محمد طاهر الصفار