226 ــ سعيد العسيلي: (1348 ــ 1414 هـ / 1929 ــ 1994 م)

سعيد العسيلي: (1348 ــ 1414 هـ / 1929 ــ 1994 م)

قال من ملحمته (كربلاء) والتي تبلغ أكثر من (6000) بيت ومنها تحت عنوان (رهبان الليل والنجم):

سَلْ (كربلاءَ) ويـومَـها المشهودا      وسَـلِ الـسـهـولَ وَسـلْ هناكَ البيدا

وسَلِ الرّبى عمّا رأته من الأسى      والـدمـعُ أغـرقَ سـهـلـهَـا وجـرودا

وسَـلِ الـنـجـومَ البيـضَ تعلمُ أنها      صارتْ على هولِ المصائبِ سُودا (1)

ومنها:

وقف الحسين بكربلاء وحيدا كالصقر بات جناحه مفقودا

أنى ترامى طرفه يلقى بها جمع الضلال جحافلا وحشودا

قتلوا أبا الفضل المظفر غيلة وفروا بأسياف الضلال وريدا

ومنها بعنوان (على أعتاب ليلة عاشوراء):

رَكبٌ يحلُ بـ (كربلا) وخـيامُ      نُصـبـتْ وقـد غَدرَتْ به الأيامُ

فـيـه حرائرُ آلِ بــيـتِ مـحمدٍ      تحتَ الهجيرِ على الرمالِ تنامُ

لا ظلَّ إلا الشمسُ حرَّ لهيبِها      نــارٌ بـهـا تــتــقـلّـب الأجـسـامُ

ومنها:

ومشتْ مُخيّلتي بساحةِ (كربلا)     وعلى جوانبِها سرتْ أنظاري

هــذي الخيامُ حوتْ بناتِ محمدٍ      وســــلالةَ الزهراءِ والأطهارِ

فكــــأنّ ما بينَ الخدورِ كواكبٌ      أنوارُها سطعتْ على الأقطارِ

ومنها:

عطرٌ يفوحُ بـ(كربلا) وخُزامى      أمْ زهرُ روضٍ ودّعَ الأكماما

أم ذاكَ نـثرُ الطيبِ فوقَ ترابِها      غمرَ السهولَ وجاوزَ الأكماما

وشقائقُ الــــنعمانِ فوقَ رمالِها      حــمرٌ وطيبُ عبيرِها يترامى

ومنها:

نسرٌ هوى في (كربلاءَ) مُجرَّحاً      فبكتْ لعمقِ جراحِه البطحاءُ

لــــــــقيَ الجحافلَ بالمهندِ وحدَه      وعـــليهِ منه عزيمةٌ ومضاءُ

لولا الــــقضاءُ لدكّ بنيانَ السما      وتهدّمــــتْ مِن بأسِه الأجواءُ

الشاعر

سعيد بن عبد الحسن بن محمد بن يوسف بن حسين بن الشيخ سلمان العسيلي الرشافي العاملي. شاعر ملحمي وخطيب، ولد في قرية رشاف في جبل عامل في لبنان، وفي السابعة من عمره درس عند الكتّاب فتعلم القراءة والكتابة وختم القرآن الكريم، وكان يطمح إلى كتابة الشعر والخطابة، وفي العاشرة من عمره تحقّقت رغبته فكتب أول قصيدة له، وفي الخامسة عشر من عمره ارتقى المنبر.

في العام (1948) عمل في سلك الدرك اللبناني وبقي فيه لمدة (30) عاماً، كان خلالها يقرأ ويكتب ويبحث وينشر في الصحف والمجلات وكان يذيل كتاباته باسم (الشاعر الحزين) لأن عمله لا يسمح له بمزاولة الأدب حتى أحيل على التقاعد عام (1979) فتفرغ للأدب بشكل تام ومارس نشاطه الأدبي بحرية فنظم وألّف وشارك بنتاجه في المناسبات الدينية والاجتماعية في جبل عامل حتى وفاته في مدينته ودفن في منطقة (الشياح).

عُرف العسيلي بـ (شاعر الملاحم) كما عُرف بإلمامه بالأدب والتاريخ وقد أصدر عدة مؤلفات وملاحم منها:

1 ــ ديوان الشاعر الحزين

2 ــ الإمامان علي والحسن

3 ــ أبو طالب كفيل الرسول

4 ــ كربلاء: وهي ملحمة شعرية تحتوي على أكثر من ستة آلاف بيت وتقع في 600 صفحة.

5 ــ مولد النور: وهي ملحمة شعرية أيضاً وفيها يستعرض التاريخ الإسلامي منذ بناء الكعبة وحتى ولادة الرسول (صلى الله عليه وآله) صدرت عام 1982

6 ــ زينب الكبرى من المهد إلى اللحد (مخطوطة)

7 ــ الخواطر (مخطوط)

8 ــ في التاريخ والأدب

9 ــ ومضات عاملية (مخطوط)

10 ــ تاريخ الفن الزجلي

11 ــ الفروسية العربية في الجاهلية والإسلام

12 ــ عمرو بن معد يكرب الزبيدي (مخطوط)

13 ــ مخطوطة عن تاريخ أسرة (2)

يقول الشاعر في مقدمة ملحمته، كربلاء: (ويشهد الله كم عانيت وكم سهرت وتعذبت في سبيل تأليف هذه الملحمة التي زادت أبياتها على ستة آلاف بيت من الشعر، أطالع في النهار وخلال الليل أقوم بنظم ما قرأته شعراً، وستجد غرابة يا أخي القارئ إذا قلت إنني قضيت سبعة عشر شهرا لا أعرف النوم إلا بعد صلاة الصبح وفي بعض الأحيان وخلال الليل كان الدم ينزف من أنفي لشدة التفكير.

ومما كان يعزيني ويجبر بخاطري هو رؤية بعض أئمة أهل البيت عليهم السلام في المنام أكثر من مرة وفي إحداها قدمت لي هدية من بينها قنينة من العطر وكنت يومها أكتب في سيرة العباس عليه السلام وقد ضمنت إحدى القصائد الأبيات التالية:

مولايَ يـا بابَ الحوائجِ فوقه      دونَ الرجا لا توضعُ الأقفالُ

وصـلتْ هديّتك التي أرسلتها      والـــعطرُ عندكَ بحرُه سيَّالُ

وجوابُها شكرٌ وشعرٌ كالندى      فوقَ الـــورودِ بمدحِكم ينهالُ

وقد تحقق الحلم وصدقت الرؤيا بعد خمسة عشر يوما وزيارة أخرى قدمت لي فيها هدية وتحقق الحلم، وصدقت الرؤيا بعد أربعة أيام، أما في المرة الثالثة فقد رأيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وقدم لي هدية وتحقق الحلم وصدقت الرؤيا) (3)

شعره

قال العسيلي في بداية ملحمته (كربلاء) تحت عنوان (بين يدي الحسين ملبيا سيد الشهداء):

لبَّيــــــــــــكَ يا أنشودةَ الأحرارِ      لـــــــــبيكَ يا بنَ السادةِ الأخيارِ

لبَّيكَ مِن قــلمي ودمعِ محاجري      لبَّيكَ مِن ضيقي ومِن إعساري

لبَّيكَ مِن جورِ الزمانِ ورغمِ ما      ألقاهُ مِـــــن ألمِ الحياةِ الضاري

وقال من ملحمته في قصيدة (فديتك يا أخي):

هـلاّ عـلـمـتَ بـيـومِ عـاشـوراءِ     ماذا جـرى مـن كـربةٍ وبـلاءِ

فيه الحرائرُ قد بكينَ من الأسى     وجـفـونـهـنَّ نأتْ عن الإغفاءِ

وصغارهنّ تعجّ من فرطِ الظّما     والأرضُ تغرقُ حولهمْ بالماءِ

وتـلـفّ أنـوارَ الـيـقـيـنِ ضـلالةً     كـالـلّـيـلِ لـفَّ الـبدرَ بالدّهماءِ

والـحـزنُ ضـمَّ جفونَ آلِ محمدٍ     وقـلـوبـهـمْ بـنـوازلِ الـبـلـواءِ

وقال من ملحمته أيضاً تحت عنوان (رهبان الليل والنجم) وهي في أصحاب الإمام الحسين (عليه السلام):

رهـبـانُ لـيـلٍ والعـبادةُ دأبُهم     أما الضحى فَيُرى الجـميعُ أسودا

والليلُ يطربه نشيدُ صـلاتهمْ     والـنـجـمُ يـرعـى لـلأُبَـاة سـجودا

خطبوا الردى بدمائِهمْ فكأنما     قـــد أمــهــروهُ ذمــةً وعــهــودا

يفدون بالمُهجِ الحسينَ لأنهمْ     عـرفـوا ومُـذ كـان الـحسينُ وليدا

أنّ الوصيةَ لم تكن في غيره     والـنـاسُ مـا بـرحوا لذاكَ شهودا

وبرغم قِلّتِهمْ ونَقصِ عديدِهم     كانت لهم غُـرُبُ السـيوفِ جنودا

ومنها تحت عنوان (البدر بين النجوم):

وكـفـاهُ فـخـراً أنّـه للـمرتضى     شبلٌ وللهادي الـعـظيمِ سليلُ

والنـورُ أدنى من ضياءِ محمدٍ     وكـــأنـــهُ بــإزائــهِ قـنـديـلُ

وقفَ الحسينُ وحولَهُ أصحابُه     كالبدرِ ما بيـنَ النجومِ يقولُ

هذا سـوادُ الـلـيـلِ مَدّ ظـلامَـه     وجناحُه مـن فـوقكمْ مسدولُ

هَيّا اذهبوا إنّ الـفَـلاةَ وسـيعةٌ     وجـبـالُـها حصنٌ لكم ومقيلُ

قالوا وقد زارَ الـيـقـينُ قلوبَهُم     تـفـدّيـكَ مـنّـا أنـفسٌ وعقولُ

وفي (على أعتاب ليلة عاشوراء):

منعوا الـحـسـيـنَ مـن الورودِ كأنّما     هذا الورودُ على الـحُسينِ حرامُ

أطـفـالـهُ عَـطـشـى تعجُّ مـن الأسى     ونــســاؤه طــافــتْ بـهـا الآلامُ

فَـكـأنـهُـم حَـرمـوا الـنـبـيَّ مـحـمداً     مـن مـاءِ زمـزمَ والــنـبيُّ يُضامُ

بـاعَ ابــنُ ســــعــدٍ جــنـةً أزلــيــةً     بـجـهـنَّـمٍ فـيـهـا يُـشــبُّ ضــرامُ

أغراهُ مُـلـكُ الـرّيِّ فـاخـتـارَ الـشقا     وتـحـكّـمـت بـمـصـيرهِ الأزلامُ

نادى الخبيثُ إلى الوغى فتحرّكت     خـيـلٌ عـلـيـهـا سـيـطرَ الإجرامُ

وقال من (الجفونُ المُسّهَدة):

فـرَّ الـــتــقــىٰ وتــبــرّأ الــقــرأنُ     مـمَّـن بـهِم تتحكّمُ الأوثانُ

إسـلامُــهُــم مـا كـان إلا خـدعـةً     فيها تجلّى الزورُ والبهتانُ

باعوا الضمائرَ بالضلالِ وآثروا     دنُـيـا بـها يـتعطّلُ الوجدانُ

وعدوا الـحسينَ بنصرِهِ وتخلّفوا     عنه وعهدُ محمّدٍ قد خـانوا

والـبـغـيُ أنـهضهمْ إليه وأعلنوا     حَرباً عِـواناً قادَها الطغيـانُ

وتجمّعوا حـولَ الـفُـراتِ بخسةٍ     ما ردَّهُم شَـرفٌ ولا إيـمـانُ

...................................................................

1 ــ صدرت في العام 1985 وتقع في 600 صفحة، ذكر منها في: ليلة عاشوراء في الحديث والأدب للشيخ عبد الله الحسن ج 1 ص 247 ــ 256 (153) بيتاً / وذكر منها في: كربلاء في الشعر اللبناني ص 96 ــ 124 (419) بيتاً / وذكر منها (93) بيتاً في عاشوراء في الأدب العاملي المعاصر ــ السيد حسن نور الدين ــ الدار الإسلامية ــ لبنان 1408 هـ / 1988 م ص 215 ــ 220

2 ــ عاشوراء في الأدب العاملي ص 214 ــ 215

3 ــ كربلاء في الشعر اللبناني ص 94 ــ 96

كما ترجم له:

كامل سلمان الجبوري / معجم الشعراء من العصر الجاهلي إلى سنة 2002 ص 326

عبد الجبار الرفاعي / معجم ما كتب عن الرسول وأهل بيته ج 7 ص 453

gate.attachment

كاتب : محمد طاهر الصفار