220 ــ كشاجم: توفي (360 هـ / 970 م)

كشاجم: (توفي 360 هـ / 970 م)

قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (31) بيتاً:

وإنْ وُتِرَ القــــــومُ في بـدرِهـمْ     لقد نـقضَ القومُ فـي (كربلاء)

وآبـوا وقـــــــد شَـرِبَـتْ غَـيَّهـا     صدورُ القنا من صدورٍ ظماءِ

مَطايا الخطايا خُذي في الظَّلامِ     فــــــما هَمَّ إبليسَ غيرُ الحِداءِ (1)

وقال من قصيدة أخرى تبلغ (48) بيتاً:

أظلمَ في (كربلاء) يومـــهمُ     ثـمّ تـجـلّـى وهـم ذبـائـحُه

لا يبرح الغيثُ كل شــارقةٍ     تـهمي غـواديهِ أو روائحُه

على ثرى حلّه غريبُ رسو     لِ اللهِ مـجروحةٌ جوارحُه (2)

الشاعر:

أبو الفتح محمود بن الحسين بن سندي بن شاهك الرملي المعروف بـ (كشاجم) (3) بن زادان بن شهريار الرازي الفارسي الساساني (4) وسمّاه السيوطي أبا نصر محمود بن محمد بن الحسين بن سندي بن شاهك (5) وقال بذلك شوقي ضيف (6) والزركلي الذي علل هذا النسب بالقول: (ويرجح هذه التسمية أن جده السندي بن شاهك كان صاحب الشرطة في عهد هارون العباسي ووفاة الرشيد سنة 193 هـ فلا بد من أبوين على الأقل لملء المدة بين صاحب الترجمة والسندي) (7)

وتقول الباحثة ثريا عبد الفتاح ملحس: (والراجح أن اسم الشاعر هو محمود بن الحسين بن السندي بن شاهك لأن هذا الإسم هو ما تعارف عليه الباحثون قديماً وحديثاً ولم تتوافر الأدلة الصحيحة على غيره) (8)

ويقول الدكتور النبوي عبد الواحد شعلان ــ أستاذ ورئيس قسم الأدب والنقد بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات ــ جامعة الأزهر: (ولا أدري من أين جاء السيوطي بهذا الاسم لأبيه وبهذه الكنية للشاعر والأعجب من هذا أن نرى الزركلي يؤيد ما ذكره السيوطي فيقول..... وأعجب العجب أن الدكتور شوقي ضيف ذكر في ترجمته أنه محمود بن محمد بن الحسين فيكون بذلك قد اتبع السيوطي ومن بعده الزركلي دون سند أو حجة تؤيد رأيه) (9)

أما بالنسبة للفارق الزمني الذي أشار إليه الزركلي فيرى النبوي أن اسمه هو: محمود بن الحسين بن إبراهيم بن السندي بن شاهك ونقل أخباراً عن إبراهيم ــ جد كشاجم على رأي النبوي ــ رواها الجاحظ الذي وصفه بأنه: (كان خطيباً وناسباً وفقيهاً ونحوياً وعروضياً وحافظاً للحديث وراوية للشعر، شاعراً، وكان فخم الألفاظ شريف المعاني....) (10)

ثم يقول: (وما دام إبراهيم بهذه الصورة التي رسمها الجاحظ فلا أقل من أن يكون الجد الأول لشاعرنا الذي أجمع هو أيضاً أنواع العلوم والمعارف في عصره) (11)

أما بالنسبة إلى كنية كشاجم فهي أبو الفتح كما اتفقت عليه كل المصادر التي ترجمت له سوى السيوطي الذي كناه بـ (أبي نصر) ويعقب المحقق السيد حسن الأمين على ذلك بالقول: (أما السيوطي فهو أول من كنى كشاجم أبا نصر، نقلاً عن رواية التيفاشي في هديله. ولعل التيفاشي توهم ذلك، فالمعروف عن كنية كشاجم أنها أبو الفتح، وأن كنية جده الأكبر، وجده، وابنه، أبو نصر، مما جعل بعض الباحثين المحدثين يقفون في حيرة، ويشيرون إلى غير كنية لكشاجم، أما الصواب فكان لكشاجم كنية واحدة، وهي أبو الفتح. والسيوطي كذلك أول من نسب كشاجم إلى محمد، وجعله والده، نقلاً عن رواية التيفاشي، فقال: كشاجم هو محمود بن محمد بن الحسين بن السندي بن شاهك، يكنى أبا نصر، أو لعل التيفاشي أشار إلى كنية السندي بن شاهك، فنقله السيوطي، ووضع لفظه يكنى، ولم نطلع على سجع الهديل، لعدم وجوده، مرجحين أنه لا يزال مخطوطاً) (12)

وقد لقب بـ (كشاجم) إشارة بكل حرف منه إلى عِلم: فبالكاف إلى أنه كاتب، وبالشين إلى أنه شاعر، وبالألف إلى أدبه، أو إنشائه، وبالجيم إلى نبوغه في الجدل أو جوده، وبالميم إلى المنطق، أو منجّم (13)

وقيل إنه فضلاً عن نبوغه في هذه العلوم فقد برع أيضاً في الطب فزيد على لقبه حرف الطاء فقيل طكشاجم، إلا أنه لم يشتهر به. (14) وهذه الألقاب تدل على سموه ومدى علمه وثقافته.

أما ولادته فقيل في بغداد (15) في منطقة فيها تسمى الرملة (16) ولذلك لقب بالرملي، وقيل في رملة فلسطين (17) وقيل كان أبوه من أهل سجستان يعلم الصبيان في قرية فيها تسمى (شامستيان)، ثم انتقل إلى بلخ فولد له كشاجم (18)

تلقى كشاجم العلم في بغداد على يد الأخفش الصغير (أبو الحسن النحوي)، وإسحق بن جنين، ويحيى بن علي المنجم وغيرهم (19) وفي الثلاثين من عمره غادر بغداد إلى حلب التي كانت حاضرة علمية، فدرس هناك على الفقيه إبراهيم بن جابر والتقى هناك بالشاعر الصنوبري فتوطدت بينهما علاقة قوية وأصبح من فحول البلاط الحمداني (20)

تجوّل كشاجم في مصر وحلب والشام والعراق، والقدس، وحمص، حتى استقر أخيراً في حلب، (21) وانضم إلى مجلس الأدب الحمداني حيث هفا قلبه لهذا المجلس لما وجد فيه ما يتماهى مع عقيدته وفكره ومذهبه وأصبح من شعراء سيف الدولة الحمداني أمير حلب، وكان يتشوّق إلى مصر كثيراً في شعره حتى تحققت أمنيته: 

قد كـــان شوقي إلى مصرٍ يؤرِّقني     فاليومَ عدتُ وعادت مصرُ لي دارا

أغدو إلى الجيزةِ الفيحاءِ مصطحباً      طــوراً وأزجي إلى شيراز أطوارا (22)

وأقام في مصر الفاطمية بقية حياته ودفن فيها. (23)

كان كشاجم نابغة من نوابغ عصره شاعراً وكاتباً ومتكلماً ومنطقياً ومحدِّثاً ومحققاً ومجادلاً وجواداً, ورغم براعته في جميع ما ذكرناه من العلوم إلا أنه أولع بالشعر فكان قدوة في الأدب وأسوة في الشعر، لا يُجارى ولا يُبارى، حتى أن السري الرفاء الشاعر الكبير المعروف على تقدمه في فنون الشعر كان مغرىً بنسخ ديوانه وكان يسعى إلى محاكاته (24) الغدير - الشيخ الأميني - ج ٤ - الصفحة ٥ وقد غلبت على كشاجم شهرة الشعر حتى قيل:

يا بؤس من يُمنى بدمعٍ ساجمِ     يهمي على حجبِ الفؤادِ الواجمِ

لـولا تـعـلّـلـه بـكـأسِ مُـدامـةٍ     ورسائلِ الصابيْ وشعرِ كشاجمِ (25)

ويجد القارئ شواهد ذلك من خلال ديوانه الذي تطفح فيه علائم تضلعه في اللغة والحديث وبراعته في فنون الأدب والكتابة.

سفره وتجواله

تنقل كشاجم بين بلاد العراق والشام ومصر، يستقر في إحداها مدة من الزمن، ثم يتركها، ليعود إليها مرة أخرى. إنما من الواضح أن كشاجم كان قد انطلق من بغداد، حاضرة الخلافة، حيث كانت له دار، على شط دجلة، على حد تعبيره، ويبدو أنه كان يعيش ببغداد في الجانب الشرقي حيث دور الخلافة، ودور رجالاتها (26)

فكان مغرماً بالترحال فساح في البلاد ورحل عدة مرات إلى مصر وحلب والشام والعراق وهذا ما طفح في شعره:

هذا على أنني لا أستفيـــــــقُ ولا      أفيقُ من رحلةٍ فـي إثرها رِحلَهْ

وما على البدرِ نقصٌ في إضاءته     أن ليسَ ينفكُّ من سيرٍ ومن نَقلَه (27)

وكأنه في رحلاته يرى نفسه بين مصر والعراق ويتذكر ما لاقى فيهما من مواقف مختلفة قد تتباين من رحلة إلى أخرى، فيقول:

متى أراني بمصرٍ جــارهمُ      نسبي بها كل روضةٍ خضرَهْ

والنيلُ مُسـتـكـمـلٌ زيـــادته     مـــثــل دروعِ الـكماةِ مـنتثرَهْ

تغدو الزواريقَ فيه مصعّدة      بنا وطـــوراً تـروحُ مـنحدرَهْ

وتـارةً فـي الـفـراتِ طاميةٌ     أمـواجُه كــــالـخيــالِ مُعتكِرَه (28)

وكان في رحلاته الكثيرة يجتمع مع الملوك والأمراء والوزراء ويتصل بأرباب العلم والفقه والحديث والأدب فيقرأ عليهم ويسمع منهم كما جرت بينه وبينهم محاضرات ومناظرات ومكاتبات كثيرة دلت على تضلعه في مختلف العلوم

يقول الأستاذ علاء الدين زكي علي موسى: (إن تنقلات كشاجم، ورحلاته، بين العراق والشام ومصر، قد وفرت له بيئة خصبة، متنوعة الظواهـر الطبيعية، من أنهار وجبال وبساتين ومروج خضراء ... وكشاجم في تنقلاته تلك، يصحب الأدباء والشعراء والفقهاء والأطباء والمنجمين والعلماء في شتى ميادين المعرفة، مما أثرى معرفته العلمية، وجعله مثقفاً بثقافة عصره الذي عاش فيه) (29)

كما كان لمجلس سيف الدولة الحمداني أثر كبير عليه فقد ضم هذا المجلس كبار العلماء والفقهاء والأدباء، فقد اجتمع في مجلس سيف الدولة، أصحاب المعارف المختلفة، والثقافات المتباينة، فعنده علماء اللغة، والإخباريون، والفلاسفة، والأطباء، والشعراء. ومن هؤلاء: ابن خالويه، وابن جني، والفارابي، والمتنبي، والصنوبري، وكشاجم، وغيرهم الكثير وقد كان كشاجم شاعراً وكاتباً في بلاط سيف الدولة (30)

في أقوال الأعلام:

قال عنه العماد الحنبلي: (أحد فحول الشعراء، المجددين الفضلاء المبرزين...، وكان يضرب بملحه المثل، فيقال: ملح كشاجم. وكان رئيساً في الكتابة، ومقدماً في الفصاحة والخطابة ، له تحقيق يتميز به عن نظرائه، وتدقيق يربو على أكفائه، وتحديق في علوم التعليم، أضرم في شعلة ذكائه. فهو الشاعر المفلق والنجم المتألّق، لقب نفسه بكشاجم ... شعره أنيق، وأرج مدوناته فتيق ... طلب علم الطب حتى  مهر فيه) (31)

وقال ابن خلكان: (كان السري مغرىً بنسخ ديوان أبي الفتح كشاجم وهو إذ ذاك ريحان الأدب بتلك البلاد والسري في طريقه يذهب وعلى قالبه يضرب) (32)

وقال المسعودي: (كان من أهل العلم والرواية والمعرفة والأدب) (33)

وقال الثعالبي: (كان ريحان الأدب في بلاد الشام، وكان له مذهب في الشعر، يتبعه الشعراء) (34)

وقال الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء: (وكان أديباً شاعراً، ومنجّماً متكلّماً، ومصنّفاً عالماً، له مصنّفات كثيرة في شتّى العلوم والمعارف، وكان يُعدّ شاعر زمانه) (35).

وعده ابن شهرآشوب المازندراني من الشعراء المجاهرين في مدح أهل البيت ونشر فضائلهم، وقال عنه أيضاً: (وكان شاعراً منجّماً متكلّماً) (36)

وقال عنه الشيخ عبد الحسين الأميني: (هو نابغة من رجالات الأمة، وفذ من أفذاذها، وأوحدي من نياقدها، كان لا يجارى ولا يبارى، ولا يساجل ولا يناضل، فكان شاعراً كاتباً متكلّماً منجِّماً منطقياً محدِّثاً، ومن نطس الأواسي محققاً مدققاً مجادلاً جواداً .... (37)

كان إمامياً صادق التشيّع، موالياً لأهل بيت الوحي، متفانياً في ولائهم ويجد الباحث في خلال شعره بينات تظاهره بالتهالك في ولاء آل الله، وبثه الدعوة إليهم بحججه القوية، والتفجع في مصابهم والذب عنهم، والنيل من مناوئيهم، واعتقاده فيهم أنهم وسايله إلى المولى في الحاضرة، وواسطة نجاحه في الآخرة.) (38)

وقال مصطفى الشكعة: (كشاجم إمام اللطائف، وشاعر الأوصاف الجديدة..) (39) 

وقال الأستاذة ثريا عبد الفتاح ملحس: (كان يتمتع بذهنية متفتحة على حضارات الأم السابقة، فأخذ منها ما هو إنساني عالمي، مبتهجاً بعلومه المتعددة، وثقافته العصرية الفذّة، وإيمانه بالله، مكرماً الديانات كلها) (40)

وقال الدكتور عمر فروخ: (كان كشاجم من أهل الفصاحة و البلاغة كاتباً أديباً و شاعراً مشهوراً) (41)

وقال السيد محسن الأمين: (وكان مؤلفاً صنّف في أفانين العلوم ونادم الملوك ولقب بكشاجم آخذاً من الكتابة والشعر والأدب والتنجيم والمعارف) (42)

ويقول آدم متز: (كان الخالديان أبو بكر محمد، وأبو عثمان سعيد ابنا هاشم شاعرين كبيرين في الموصل، وكان بهذه المدينة من الشعراء السري بن أحمد الكندي المعروف بالرفاء، وكلهم ــ رغم ما كان بينهم من تنابز وعداوة وكيد ــ كانوا يسيرون في طريق كشاجم وينهجون منهجه) (43)

الطيب من الخبيث

كان والد جد كشاجم من أشد أعداء أهل البيت (عليهم السلام) وهو السندي بن شاهك الذي تولى سجن الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) وسقاه السم فمات منه، وقد يبدو الأمر غريباً أن يخرج من نسل هذا الخبيث رجل مؤمن موالٍ لأهل البيت (عليهم السلام) ولعل في ذلك سراً.

ولكن ذلك ليس على الله ببعيد والسر في ذلك أن أخت السندي كانت من موالي أهل البيت (عليهم السلام) وكانت تتولى خدمة الإمام الكاظم (عليه السلام) فورث كشاجم منها هذا الحب والولاء

قال الشيخ عباس القمي: (كانت عمة والد كشاجم أخت السندي من المحبين لأهل البيت (عليهم السلام) وكانت تلي خدمة موسى بن جعفر (عليه السلام) لمّا كان في محبس السندي). (44)

وقال الخطيب البغدادي، وشمس الدين الذهبي، والقضاعي المزي: (حُبس أبو الحسن موسى بن جعفر عند السندي فسألته أخته أن تتولى حبسه وكانت تتديّن - ففعل، فكانت في خدمته، فحكى لنا أنها قالت: كان إذا صلى العتمة حمد الله ومجّده ودعاه فلم يزل كذلك حتى يزول الليل فاذا زال الليل قام يصلي حتى يصلي الصبح ثم يذكر قليلاً حتى تطلع الشمس ثم يقعد إلى ارتفاع الضحى ثم يتهيّأ ويستاك ويأكل ثم يرقد إلى قبل الزوال ثم يتوضّأ ويصلي حتى يصلي العصر ثم يذكر في القبلة حتى يصلي المغرب ثم يصلي ما بين المغرب والعتمة. فكان هذا دأبه، فكانت أخت السندي إذا نظرت إليه قالت: خاب قوم تعرضوا لهذا الرجل وكان عبداً صالحاً) (45)

وقال الشيخ الأميني: (وكان ــ أي كشاجم ــ من مصاديق الآية الكريمة: يخرج الحي من الميت. فإن نصب جده السندي ابن شاهك وعدائه لأهل البيت الطاهر وضغطه واضطهاده الإمام موسى بن جعفر صلوات الله عليه في سجن هارون مما سار به الركبان، وسودت به صحيفة تاريخه، إلا أن حفيده هذا باينه في جميع نزعاته الشيطانية، فهو من شعراء أهل البيت المجاهرين بولائهم، المتعصبين لهم، الذابين عنهم ولا بدع فإن الله هو الذي يخرج الدر من بين الحصى، وينبت الورد محتفاً بالأشواك) (46)

مؤلفاته

قال السيد جواد شبر إن كشاجم (كان مؤلِّفاً صنّف في أفانين العلوم) (47) لكن ما ذكرته المصادر من مؤلفاته لا ينطبق على هذا القول ولعلها ضاعت كما ضاع الكثير من تراثنا أما ما ذكر من مؤلفاته فهي: 

1 ــ ديوان شعر (48)

2 ــ أدب النديم (49)

3 ــ المصايد والمطارد (50)

4 ــ الرسائل (51)

5 ــ كنز الكتاب (52)

شعره

طبع ديوانه بتحقيق خيرية محمد محفوظ الناشر وزارة الإعلام مديرية الثقافة العامة بغداد 1390 هـ / 1970 م، والنبوي عبد الواحد شعلان مكتبة الخانجي، القاهرة 1997 ، وأبو عبد االله محمد حسن الشافعي دار الكتب العلمية ــ بيروت، لبنان 1418 هـ / 1998 م ص 17 ــ 19

قال السيد محسن الأمين: (جمع ديوانه أبو بكر محمد بن عبد الله الحمدوني مرتباً على الحروف والحق به بعد ما تم جمعه زيادات أخذها عن أبي الفرج بن كشاجم سماه: الثغر الباسم من شعر كشاجم). (53)

وقد احتوى الديوان على قصائد كثيرة في مدح ورثاء أهل البيت (عليهم السلام)، كان كشاجم يُصدِرُ شعره عن مرآة صافية لنفسه الولائية الخالصة التي تعلقت بحب أهل البيت (ع) وصفت ورقت بمودتهم.

يقول من قصيدة في أهل البيت (عليهم السلام) تبلغ (48) بيتاً:

وقد علموا أن يومَ الغدير      بغـدرِهـــــــــمُ جرّ يومَ الجملْ

فيا معشرُ الظالمين الذين     أذاقــــوا النبيَّ مضيضَ الثكلْ

يخالفكم فيه نصُّ الـكتاب     وما نصَّ في ذاكَ خيرُ الرسُلْ

نبذتم وصـــيـتَه بالعــراءِ     وقـلـتـمْ عـلـيـه الـذي لـم يَـقـلْ (54)

ومنها في أهل البيت (عليهم السلام)

هـمُ حـــججُ اللهِ في خـلقه     ويـومَ الـمــعـادِ على من خذلْ

ومن أنــزل الله تفضيـلهمْ     فـردَّ عـــــلى اللهِ مـــا قد نزلْ

فـجـدهـمُ خــاتـمُ الأنبيــاءِ     ويـــعـرفُ ذاكَ جـمـيـعَ المللْ

ووالدهمْ سيِّــدُ الأوصـياء     ومعطي الفقيرَ ومردي البطلْ

ويقول من أخرى:

حـبُّ عــلــيٍّ علوُ همَّــهْ     لأنـــه ســـيِّــــدُ الأئـــمــه

ميِّزَ محبيهِ هـل تـراهــمْ     إلا ذوي ثــــروة ونـعـمـه

بين رئـيــسٍ إلى أديــبٍ     قـد أكملَ الطرفَ واستتمَّه

وطيِّبِ الأصلِ ليسَ فيه     عند امتحانِ الأصولِ تهمَه

فهمْ إذا خلصــوا ضياءٌ     والنُّصَّبُ الظالمــون ظُلمَه (55)

وقال من قصيدته التي تبلغ (31) بيتاً وقد قدمناها:

وأوصى النبيُّ ولـــــكــن غـدتْ     وصاياهُ منـبـــــــــــوذةً بـالـعـراءِ

ومن قبلِـهـا أُمــــــرَ الــمـيّـتـون     بردِّ الأمورِ إلـى الأوصـــــــــياءِ

ولم ينــــــشرِ القومَ غلَّ الصدور     حتى طـــــــــواهُ الردى في رداءِ

ولـــــــو سـلّـموا لإمــــامِ الهدى     لقـــــــــوبِلَ مـعوجَّـهـم بـاسـتـواءِ

هلالٌ إلى الرشدِ عالي الضــــيا      وسيفٌ على الكفرِ ماضي المضاءِ

وبـحـرٌ تـدفّـقَ بـالـمـعـجــــزاتِ     كمــــــــا يـتـدفّــقُ يـنــبــوعُ مــاءِ

عـلومٌ سـماويّـةٌ لا تُـــــــــــنـال     ومـن ذا يـنـالُ نـجـومَ الـســـمــاءِ؟

لعمـري الأولـى جــحدوا حـقّـه     ومـا كـان أولاهـــــــــمُ بــــالـولاءِ

وكمْ موقفٍ كان شخصُ الحِمام     مـن الخوفِ فـيه قليـــــــــلُ الخفاءِ

جلاهُ فإن أنـــــــــــكـروا فضله     فقد عرفت ذاك شمـــــسُ الضحاءِ

أراها العجاجَ قبيلَ الــــــصباح     وردّت عـلـيـه بـعـيـدَ المــــــــساءِ

وإن وِتِــرَ الـــقومُ في بـــــدرِهم     لقـــــــــد نقضَ الــقومُ في كربلاءِ

مطايا الخـطايا خذي في الظلام      فـــما هـــــــــمَّ إبليسَ غيرُ الحداءِ

لقد هُتكتْ حـرمُ المصطــــــفى     وحلَّ بــــهــــنَّ عـــــــــظيمُ البلاءِ

وقال من أخرى:

آلُ النبــــي فضـلــــــتمُ     فضل النجومِ الزاهرَة

وبهـرتمُ أعــــــــــداءكم     بالمـــــأثراتِ السائرَة

ولكم مـع الشــرفِ البلا     غــةِ والحلومِ الوافرَة

واذا تـــــفوخِـــرَ بالعلا     فبكــمْ عـــلاكمْ فاخرة

هذا وكـــــــــــم أطفأتمُ     عن أحــمدٍ مــن نائرَة

بالسمرِ تخضبُ بالنجيـ     ـعِ وبالسيـتوفِ الباترة

تشفى بها أكبادُكــــــــم     من كلِّ نـفــــسٍ كافرة

ورفضتــــــمُ الدنـيا لذا      فـــزتمْ بحظِ الآخـــرة (55)

وقال من قصيدته الحائية التي قدمناها:

عفّرتم بالثرى جبيـــــنَ فتىً     جبريلُ قبل النبيِّ ماسِحُه

سيانَ عند الإلــــــــــهِ كلكمُ     خاذله منـــــــــكمُ وذابحُه

على الذي فـــــاتــهم بحقهم     لعنٌ يغــــاديهِ أو يراوحُه

جهلتمُ فيهمُ الذي عرف الـ     ــــبيتَ وما قابلتْ أباطحُه

وله في ولاء أمير المؤمنين (ع):

حبُّ الوصيِّ مبرّة وصِـلَة     وطهــــــارةٌ بـالأصلِ مكتفلَه

والناسُ عالمهم يديـــن به     حباً ويجهـــــــــلُ حقّه الجَهَلَه

ويرى التشيُّعَ في سراتهمُ     والنصبُ في الأراذلِ والسفلَه (56)

كما طفحت في ديوانه لآلئ الحكم ودرر المواعظ التي أعربت عن سمو نفسه ونبل مقصده في الدعوة إلى الخير وردعها عن السوء ومن ذلك قوله:

عجبي ممــــــن تعالت حاله     وكفاهُ اللهُ زلاتِ الـــــطلبْ

كيف لا يقسم شطريَ عمرِهِ     بين حالين نـعـــــيـمٍ وأدبْ

فإذا ما نال دهــــــــراً حظّه     فحديثٌ ونشـيـــــــدٌ وكـتبْ

مرة جداً وأخــــــرى راحة     فإذا ما غسقَ الليلُ انتـصبْ

يقتضي الدنيا نهـــاراً حقها     وقضى لله ليلاً ما يــــــجبْ

تلك أعمال متى يــعمل بها      عاملٌ يسعدْ ويرشدْ ويصِبْ (57)

ومن ذلك أيضاً قوله:

رُض بفعلِ التدبيرِ نفسك واقصرها عليه ففيه فضلٌ وفخرُ

لا تطعها على الذي تبـتـغـيه وليرُعها منك اعتساف وقهرُ

إن من شأنها مـجـانـبـة الـخـيـر وأتـيـان كـل مـن قـد يغرُ (58)

.....................................................................................

1 ــ ديوان كشاجم، محمود بن الحسين الرملي ــ حققه أبو عبد الله محمد حسن الشافعي ــ دار الكتب العلمية ــ بيروت، لبنان 1418 هـ / 1998 م ص 17 ــ 19 / وذكرها الكرباسي في (38) بيتاً ــ ديوان القرن الرابع ج 1 ص 34 ــ 39

2 ــ ديوانه ص 57 ــ 59

3 ــ مروج الذهب ج 4 ص 363 / الفهرست لابن النديم ص 154 / فوات الوفيات ج 4 ص 99 / شذرات الذهب ج 4 ص 327 / تاريخ الأدب العربي ــ عمر فروخ ج 2 ص 505 / أعيان الشيعة ج ١٠ ص ١٠٣ / أدب الطف ج 2 ص 45 / مقدمة الديوان ــ تحقيق أبو عبد الله محمد حسن الشافعي ص 4 / مقدمة ديوان كشاجم محمود بن الحسين ــ تحقيق الدكتور النبوي عبد الواحد شعلان، أستاذ ورئيس قسم الأدب والنقد بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات ــ جامعة الأزهر مكتبة الخانجي بالقاهرة 1417 هـ / 1997 م

4 ــ أبو الفتح كشاجم البغدادي ــ ثريا عبد الفتاح ملحس، عمان دار البشير 2003 ص 79 / مستدركات أعيان الشيعة ج ٢ ص ٣١٣

5 ــ حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة ج 1 ص 457

6 ــ عصر الدول والإمارات (الشام) ص 189

7 ــ الأعلام ج 7 ص 168 ــ 168

8 ــ أبو الفتح كشاجم البغدادي ص 166

9 ــ مقدمة ديوان كشاجم محمود بن الحسين ــ تحقيق الدكتور النبوي عبد الواحد شعلان مكتبة الخانجي بالقاهرة 1417 هـ / 1997 م ص 5

10 ــ نفس المصدر ص 6 عن البيان والتبيين ج 1 ص 355

11 ــ نفس المصدر ص 7

12 ــ مستدركات أعيان الشيعة ج ٢ ص ٣١٣

13 ــ شذرات الذهب ج 3 ص 37

14 ــ تثقيف اللسان لابن مكي ص 138

15 ــ مستدركات أعيان الشيعة ج ٢ ص ٣١٤

16 ــ أبو الفتح كشاجم البغدادي ص 250

17 ــ مقدمة ديوان كشاجم ــ تحقيق النبوي شعلان ص 17

18 ــ معالم العلماء ص 183 / تاريخ الأدب العربي ــ عمر فروخ ج 2 ص 505 / أعيان الشيعة ج ١٠ ص ١٠٣

19 ــ أبو الفتح كشاجم البغدادي ص 458

20 ــ الصورة الفنية في شعر كشاجم ــ علاء الدين زكي علي موسى رسالة ماجستير، كلية الدراسات العليا الجامعة الأردنية 2006 ص 20 ــ 21

21 ــ تاريخ الأدب العربي ــ عمر فروخ ج 2 ص 505

22 ــ ديوانه ص 83

23 ــ مستدركات أعيان الشيعة ج ٢ ص ٣١٤

24 ــ الغدير ج ٤ ص ٥

25 ــ يتيمة الدهر ج 2 ص 288 / الغدير ج ٤ ص ٥

26 ــ مستدركات أعيان الشيعة ج ٢ ص ٣١٤

27 ــ ديوانه ص 146 من قصيدة تبلغ (72) بيتاً

28 ــ نفس المصدر ص 97 ــ 98 من قصيدة تبلغ (33) بيتاً

29 ــ الصورة الفنية في شعر كشاجم ص 21 ــ 22

30 ــ نفس المصدر ص 24

31 ــ شذرات الذهب ج 4 ص 321

32 ــ وفيات الأعيان ج ٢ ص ٣٦٠

33 ــ مروج الذهب ج 4 ص 348

34 ــ يتيمة الدهر ج ٢ ص ١٣٨

35 ــ أصل الشيعة وأُصولها ص 156

36 ــ معالم العلماء ص 183

37 ــ الغدير ج 4 ص 4

38 ــنفس المصدر ص 15

39 ــ فنون الشعر في المجتمع الحمدانيين، مطبعة المعرفة، مصر ١٩٥٨ ص ٣٧٣ 

40 ــ أبو الفتح كشاجم البغدادي ص 61

41 ــ تاريخ الأدب العربي ج 2 ص 505

42 ــ أعيان الشيعة ج ١٠ ص ١٠٣

43 ــ الحضارة الإسلامية ج 1 ص 471

44 ــ الكنى والألقاب ج 3 ص 114

45 ــ تاريخ بغداد ج 13 ص 33 / سير أعلام النبلاء ج 6 ص 273 / تهذيب الكمال ج 29 ص 50

46 ــ الغدير ج 4 ص 15

47 ــ أدب الطف ج 2 ص 45

48 ــ شذرات ج 3 ص 37

49 ــ فهرست ابن النديم ص 154 أعيان الشيعة ج ١٠ ص ١٠٣

50 ــ وفيات الأعيان ج 1 ص 328 / أعيان الشيعة ج ١٠ ص ١٠٣

51 ــ فهرست ابن النديم ص 154 أعيان الشيعة ج ١٠ ص ١٠٣

52 ــ صبح الأعشى ج 1 ص 185

53 ــ أعيان الشيعة ج ١٠ ص ١٠٣

54 ــ ديوان كشاجم، محمود بن الحسين الرملي ــ حققه أبو عبد الله محمد حسن الشافعي ــ دار الكتب العلمية ــ بيروت، لبنان 1418 هـ / 1998 م ص 157 ــ 159

55 ــ نفس المصدر ص 161 ــ 162

55 ــ ديوان كشاجم تحقيق الدكتور النبوي ص 193 / الغدير ج ٤ ص ١٧ / ذكر منها (4) أبيات في مناقب آل أبي طالب ج ٣ ص ٢٠٨ ولم نجدها في الديوان بتحقيق الشافعي

56 ــ ديوانه بتحقيق الشافعي ص 150 ــ 151

57 ــ نفس المصدر ص 26 ــ 27

58 ــ نفس المصدر ص 82 ــ 83

كما ترجم له وكتب عنه:

السيد حسن الصدر / الشيعة وفنون الإسلام ص 108

ياقوت الحموي / معجم الأدباء ج 1 ص 326

السيد الخوئي / معجم رجال الحديث ج ١٩ ص ٩٧

أغا بزرك الطهراني / الذريعة ج 1 ص 388

عبد الله الأصفهاني / رياض العلماء ج 5 ص 201 ــ 202 

ابن خلدون / العبر ج 2 ص 110 

ابن كثير / البداية والنهاية ج 11 ص 292 

إسماعيل البغدادي / هدية العارفين ج 2 ص 401 

عمر رضا كحالة / معجم المؤلفين ج 12 ص 159 ــ 160 

عبد الحسين الشبستري / مشاهير شعراء الشيعة ج 5 رقم 1026

سارة محمد حمزة ــ شعر كشاجم ــ دراسة اسلوبية ــ رسالة ماجستير، جامعة القادسية 2015 

أشواق هاشم لفتة البيضاني ــ ديوان كشاجم ــ دراسة لغوية ــ رسالة ماجستير الجامعة المستنصرية 2012

زينب خضير حسين ــ ألفاظ الطبيعة في شعر كُشَاجِم - دراسة في ضوء نظرية الحقول الدلالية، رسالة ماجستير ــ جامعة ميسان

حسين عبيد شراد الشمري، حازم كريم عباس ــ البنية الايقاعية الخارجية في علويات أبي الفتح كشاجم ــ مجلة مركز دراسات الكوفة السنة السابعة شتاء 2012

مصعب عبد ربه محمد الذيبات ــ المصايد و المطارد لكشاجم : دراسة موضوعية و فنية ــ رسالة ماجستير جامعة مؤتة 2012

صفاء عبدالغني محمد عطا الله ــ أنماط الصورة في شعر كشاجم ــ دراسة نقدية ــ رسالة دكتوراه ــ مجلة كلية الآداب ــ جامعة المنصورة العدد 58 يناير 2016

الدكتور عصام عبد علي ــ الوصف في شعر كشاجم دلالته الفنية وقيمته الاجتماعية ــ مجلة الآداب ــ جامعة بغداد ، رقم العدد: 29 بتاريخ 1 / 6 / 1980

gate.attachment

كاتب : محمد طاهر الصفار