الخطبة الثانية لصلاة الجمعة بإمامة السيد احمد الصافي في 18/رمضان/1437هـ الموافق 24 /6/ 2016م

اخوتي اخواتي نبقى مع الامام زين العابدين (عليه السلام) ومقاطع اخرى من رسالته الموسومة برسالة الحقوق لأننا في هذا الشهر شهر رمضان المبارك وفي غيره نحتاج واقعاً الى معرفة ما للآخرين من حقوق علينا وما لأعضائنا وجوارحنا من حقوق علينا..

الله تعالى خلقنا بجوارح وادوات وجعلنا في محيط نحتك بفلان وفلان لابد من وجود شِرعة ومنهاج لهذا .. قد يكون عندي صحيفة او فضائية او لسان او اعوان.. لابد ان اعرف كيف اربي نفسي واستخدم هذه الامور في مواقعها اللائقة بها..

بعض المقاطع ومختصر الكلام حولها ..

قال الامام السجاد (عليه السلام): (حق اللسان اكرامه عن الخنا وترك الفضول التي لا فائدة لها)

(الخنا) أي الفحش ، هذا اللسان له حق عليك اكرمه ونزهه عن الفحش والسباب والشتيمة وتعويده الخير وعلى كلام الخير..والفضول هو الكلام والشيء الزائد لا فائدة لها..

ثم قال (عليه السلام) : (والبر بالناس وحسن القول فيهم)

هذا حق اللسان عندي سواء اني كنت سياسياً او اجتماعياً او اقتصادياً .. حق اللسان ان تفعل به هكذا .. البر بالناس وحسن القول فيهم .. لا يوجد عندك مبرر ان تخالف ذلك لأنك في موقع مثلا ً قوي تحاول ان تنكّل بالناس..هذا اللسان الجارحة سيتعبك ويتعب وقوفك ويتعبك في الدنيا..حاول ان تصون هذا اللسان..

ثم قال (عليه السلام) : (وحق السمع تنزيهه عن سماع الغيبة وسماع ما لا يحل سماعه)..

الله تعالى اعطاك هذه الجارحة ولها حق عندك .. ايضاً لا يوجد مبرر انت في موقع معين تفتش عن افعال الاخرين وتحاول ان تسترق السمع بدعوى ان الموقع يستلزم ذلك..هذا كلام غير صحيح..

ثم يقول (عليه السلام) : (وحق البصر ان تغضّه عمّا لا يحل لك وتعتبر بالنظر به)

لاحظوا بين الامام جهتان ان تغضّه عن النظر عمّا لا يحل وان تعتبر بالنظر به..انا ارى شخصاً كان في موقع معين ثم سرعان ما تبدلت الاحوال وتدور الدوائر وكان هذا الشخص الذي هو في موقع يبحث عن مأوى فلا يجد ..هذا قد اراه بعيني فلابد ان اعتبر فاذا جائتني فرصة بان يتهيأ لي ظرف كظرفه لابد ان لا انسى.. او اذهب الى الفواتح واقرأ الفاتحة لابد ان انظر الى ان مصيري ايضاً سيكون هكذا لأن مصيري سيكون هكذا ولأن الموت حق..

ثم يقول (عليه السلام) : (وحق يدك ان لا تبسطها الى ما لا يحل لك)

لا تجعل يدك تصل الى ما لا يحل لك..

وقال (عليه السلام) : (وحق رجليك ان لا تمشي بهما الى ما لا يحل لك فبهما تقف على الصراط)

هذه الرجلين تقف بها على الصراط .. الانسان قد تأتيه لحظة يقول يا ليتهما قد قُطعتا ولم اسع بهما الى وشاية على آخر او اسعى بها الى موبقة ..

وقال (عليه السلام) : (فانظر ان لا تزلاّ بك فتردى في النار)

هذه قدم ستقف بها لابد ان تكون قدم ثابتة..

وقال (عليه السلام) : (وحق بطنك ان لا تجعله وعاءً للحرام ولا تزيد على الشبع)

الانسان قد يتمكن من اخذ اموال الاخرين بغير حق يتمكن ويفعل حتى تمتلأ بطنه هذا الوعاء الذي سيكون نتناً ويجمع من هنا وهناك في سبيل هذا الوعاء .. الامام (عليه السلام) يقول لا تجعله وعاءً للحرام ولا تزيد على الشبع حتى في الحلال عوّد نفسك على ان لا تكون شرهاً ..

وقال (عليه السلام) : (وحق مالك ان لا تأخذه الا من حلّه ولا تنفقه الا في وجهه)

هناك مشكلة الان اضعها بشكل عام .. بعض الناس يشكون عنده مستحقات مالية مثلا ً عند الدولة يذهب يريد استحقاقه بعض المتنفذين يجبره يقول له اعطيك المال ولكن اخذ 20% مثلا ً او نسبة اخرى يستغل حاجة صاحب الحق ويأخذ منه المال بلا حق..هذا بالنتيجة وبال هذا الشخص الذي يأخذ المال الحرام في زهوة الصحة والفتوة والموقع ولا يعرف ماذا يجدي .. ولكن واقعاً هم يأكلون في بطونهم ناراً وسرعان ما تنقلب عليه الاشياء ويبحث عن هذا الشخص الذي اخذ منه فلا يجده ..

ثم قال (عليه السلام) : (ولا تنفقه الا في وجهه ولا تؤثر به على نفسك من لا يحمدك فاعمل به بطاعة ربك ولا تبخل به فتبوء بالحسرة والندامة)

المال الحلال فائدته في الانفاق لا فائدته في الاكتناز .. الانسان اذا انفق ماله بيّنت الفائدة اما اذا اكتنزه سيعيش عيشة الفقراء ويحاسب محاسبة الاغنياء.. وانا احب واقعاً ان اسجل شكري وامتناني لجميع الاخوة اصحاب الاموال الذين بذلوا اموالهم ويبذلون دفاعاً عن هذا البلد..واقعاً هذه أيادي تٌقبّل.. ان الانسان يجاهد بأمواله لعله عنده ظرف لا يستطيع ان يقاتل لكن الله تعالى منحه ورزقه هو يحاول ان ينفق فمصداق لقوله (ولا تنفقه الا في وجهه) وهذا الان من افضل الوجوه ان يجهز غازياً ومتطوعاً ومقاتلا ً بأمواله وبحمد الله تعالى كثير من الاخوة اعطوا هذه الاموال ومدّ الاخوة المقاتلين بمدد جيد ساعد على الصمود والوقوف بوجه الاعداء..فهنيئاً لهم  وان شاء الله تعالى يعوّضهم اموال مضاعفة والبعض شهد بذلك قال بحمد الله تعالى المال كثير وينمو ما دمنا ننفقه في طاعة الله تعالى..

ثم يقول الامام (عليه السلام) : (ولا تبخل به فتبوء بالحسرة والندامة مع التبعة)

انسان بخيل حريص على الاموال اوشك ان يموت يقف عنده الورثة وهو يعلم ان الورثة لا يعتبرونه اصلا ً وانما وقوفهم استعجالاً لمنيته وحتى يتم تقسيم الحصص يتمنى في هذه اللحظة ان هذه الاموال انفقها حتى تكون له..فترى هناك حسرة وندامة هذا الندم لعل بعض الاخوة يعلمون الانسان عندما يندم على فعل ماضي يندم وتبقى هذه الحالة النفسية تؤلمه ولكنها لا تنتهي بالحسرة والندامة وانما مع التبعة.. ما هي تبعة هذه القضية ؟! هو يتحمل!! الانسان اذا سنَ سنة سيئة عليه وزرها ووزر من عمل بها..

(وحق اهل ملتك اضمار السلامة والمرحمة لهم)

ان تضمر في داخلك.. ولاحظوا العبارة (اضمار) أي انا في داخلي اضمر وانوي لك المحبة وواقعاً لابد ان تكون متربي على اضمار هذا الفعل ولابد ان يكون كظاهره..

(والرفق بمسيئهم وتالفهم واستصلاحهم وشكر محسنهم وكف الاذى عنهم)

لاحظوا هذه الحقوق جميلة .. حقيقة الناس الآن تكون مع جار حسن يكف الاذى ويحاول ان يلتفت اليك والله يكون بيتك من افضل البيوت حتى وان كان صغيراً ضيقاً لكنك تلتذ بالمعيشة مع اناس من اهل ملتك يحترمون الجار... وقد يكون بيتك من البيوت الفرهة الواسعة لكن عندك جار سوء يحاول ان يجعل هذه الدار عليك جحيماً لا يفعل الا الاذية تراه يرمي النفايات بباب دارك وتجد الصراخ والصوت العالي ويجعلك تريد ان تفر من هذه الدار تخلصاً من جار السوء...

هذه ليست مسائل كمالية صاحب السياسة يسمع والاجتماعي يسمع والمثقف يسمع هذه ليست امور كمالية لا يعفى منها احد وتكون على احد هذه امور ضرورية الانسان يريد ان يعيش في جو اعرف حقوقك وتعرف حقوقي..

(وتحب لهم ما تحب لنفسك وتكره لهم ما تكره لنفسك)

لاحظوا هذه اشياء وجدانية الائمة عليهم السلام في مقام ارشادهم لنا ليس في مقام الظاهر فقط وانما ان تحدث عندنا واقعية..مثلا ً اني احب الهدوء لنفسي احبه لك .. الانسان في بعض الحالات وجدانيته تكون حكم عليه ..هذه اشياء احبها لابد ان احبها للاخرين..

(وان يكون شيوخهم بمنزلة ابيك وشبانهم بمنزلة اخوتك وعجائزهم بمنزلة امّك والصغار بمنزلة اولادك)

حقيقة هذه المنزلة تجعل الانسان متوازن..عندما اعاشر الناس وهم طبقات اعاشر رجلا ً كبيراً في مقام الاب فكيف اتعامل مع ابي اتعامل معه وصغيراً في مقام ابني كيف احرص على ابني احرص عليه .. نساء عجائز اتعامل معها مقام الام وكيف الانسان يبر بوالدته واخته وابنته ..

اخواني هذه الحقوق نسأل الله تعالى ان نكون نحن ضِعاف امام الله تبارك وتعالى ولا نملك لنفسنا ضراً ولا نفعاً وان يعيننا الله تعالى على انفسنا كما اعان الصالحين على انفسهم .. وان يسمع الاخوة الذين عندهم نحو من الامور التي ممكن ان يرحموا فيها الناس ان يلتفتوا اليهم والامور ليست كلها بالمال اخواني ..بل بالكلمة الطيبة والاخلاق وهذه النيات السليمة التي يربينا عليها الائمة الاطهار عليهم السلام.. ..

ايضاً هناك حقوق وخصوصاً نحن في هذا الشهر الشريف وليالي القدر هناك حق للاخوة المقاتلين ان نشركهم في الدعاء في هذا الشهر الشريف  خصوصاً الذين هم في ساحات القتال هؤلاء الاعزة الاخوة هم اعز قدراً واشرف ويحتاجون منّا كل دعاء وثناء ونحب لانفسنا ان نكون في ليلة القدر من الذين يتقربون الى الله تعالى لابد ان نحب لهم واهم اولى بذلك..نتواصى و نتراحم فيما بيننا ويرينا في بلدنا وجميع البلدان الامن والامان والاستقرار وان يكف شرور الاعادي عنا واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله تعالى محمد وآله الطيبين الطاهرين..

الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة

gate.attachment