السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... أنا مُدرسة للمرحلة الإعدادية ولدي شعور دائم بالفشل كوني لا أحقق نسبة نجاح لتلميذاتي نهاية السنة مقارنة بزميلاتي اللواتي يدرسن المادة ذاتها, والأمر لا يقف هنا وحسب بل تطور شعوري بالفشل حتى في حياتي الأسرية... أحيانا افكر بأني مهما فعلت لن أنجح في شيء وسأظل في مكاني دون أن أحقق أي هدف منشود في حال لم أتراجع إلى الوراء .. أرجو أن تتفضلوا علي بالنصح والتوجيه؟

 

عليكم السلام ورحمة الله وبركاته ... نشكركم على ثقتكم في طرح مشكلتكم على مركزنا وإن شاء الله نوفق في الإجابة على حضرتكم ونساعدكم في تجاوز أي عقبات في حياتكم العملية والعائلية.

كل فرد يمكنه أن يتأقلم مع الظروف الصعبة ويُصيّر الفشل نجاح وفق مبدأ المحاولة والتكرار, ولا يستسلم  للفشل والاحباط بل يجعل منهما وسيلة للسعي إلى النجاح، وقد يعتقد البعض ان الناس ينجحون لأنهم محظوظون… ولكن معظم الناجحين نجحوا لأنهم كانوا مصممين على النجاح. ومن يتقن هذا الإصرار والعزم فهو دليل على امتلاكه الشخصية الناجحة. ومن الضروري أن تتعرفوا على صفات الشخصية الناجحة لكي تتمكنوا من حل مشكلاتكم مهما بلغت من الصعوبة والتعقيد.

ومن مقومات هذه الشخصية :

الثقة بالنفس

تعتبر الثقة بالنفس من اهم مميزات الشخصية الناجحة  لكل من ينشد التفوق في مجالٍ ما. فلا نجاح بدون ثقة الانسان بذاته, وقدراته, فطالما يملك الإنسان عقلا يمكنه ان يكون شخص ناجح من خلال استخدام عقله. ولقد كرم الله سبحانه وتعالى الانسان بالعقل  وهذا العقل يستطيع بناء مجتمع كامل, قال الله تعالى ((لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم)) المصدر (سورة التين الآية 4).

حيث ان الثقة بالنفس هي التي تفجر الطاقات الكامنة التي يمتلكها الانسان في داخله ولكن يحتاج الى الثقة التي تساعد الفرد على التخلص من مخاوفة وعندما يتخلص من مخاوفة سوف يبدع ويصبح شخصا ناجحا.

فأن سر النجاح يكمن في ثقة الإنسان بذاته, فالذين صنعوا التاريخ, وساهموا في بناء الحضارات الانسانية, والذين خلدهم التاريخ هم اشخاص عاديين مثلنا يملكون عقولا ونحن نملك عقولا كذلك؛ ولكن سر نجاحهم كان يكمن في الثقة بالنفس, مدركين إنها المدخل لكل انسان يريد النجاح في ميادين الحياة المختلفة. اما الشخص الذي لا يشعر بقدرته على النجاح هو شخص لا يملك الثقة بنفسه و ينهار امام الضغوط والتحديات النفسية او الاجتماعية فسيدخل في نفق مظلم لا نهاية له.

الإرادة القوية

تعتبر الارادة القوية من المقومات الرئيسية  لصنع النجاح وان الانسان في هذه الحياة يعيش صراعا قويا من اجل البقاء ولن ينتصر في هذا الصراع الا من تسلح بإرادة قوية لا تقهر, والارادة تحتاج الى بذل جهد وتحتاج الى مقدرة وتحتاج سيطرة على النفس, كما أنها تعد القوة الخفية القادرة على بعث روح المثابرة والعزم والتصميم في شخصيتك, فالإرادة ليس شيء مادي انما هي شيء معنوي هي قوة معنوية تبعث فيك روح الامل,  وبالمعنى الاخلاقي هي الرغبة في الخير والسعي إليه والحرص عليه.

ويقول علماء النفس ان التربية الحسنة هي اعظم ما يستطيع الانسان ان يفعله متى رام النجاح, فالنجاح ارادة؛ لذا كل من ينشد النجاح ويتطلع نحو الوصول للقمة  علية ان يسعى بإرادة، لأنها الطريق نحو القمة ولقد وصل الرسول (محمد صلى الله علية واله وسلم) الى القمة لأنه كان الامثل الاعلى لقوة الارادة والعزم الجبار فقد وقف صامدا امام كل التحديات وقاوم كل الخرافات  وافكار وعادات الجاهلية واعلن اصراره وموقفه  الرسالي. ودليل على ذلك قول النبي محمد (صل الله عليه واله وسلم) ((والله لو وضعوا  الشمس في يميني والقمر في يساري  على ان اترك هذا الامر  ما تركته حتى اموت او يظهره الله))وبهذه الارادة العملاقة  والتصميم القوي تغلب على  جميع الاعداء وصبر على اذى المشركين وناضل بإرادته القوية  في سبيل  مبادئه,  وأهدافه, فحطم الاصنام, واباد قوى  الشرك, ورفع كلمة الإله الا الله  عالية خفاقة  في جميع بقاع الارض. وها هو اليوم يلهج بذكره ملايين من البشر في كل زمان ومكان. 

العزيمة 

العزيمة خلق قراني وفضيلة اسلامية  اشار اليها التنزيل المجيد  اكثر من مرة  ومن ذلك قول الله تعالى مخاطبا نبيه  (صلى الله عليه وال وسلم ) في سورة ال عمران ((وشاورهم في الامر فاذا عزمت فتوكل على الله ان الله يحب المتوكلين)) سورة ال عمران الاية159

اذن العزيمة قوة باطنية فلا ارادة لمن لا عزيمة له, ولا ارادة لمن لا موقف له والاصرار يعني الاستمرار حتى  تحقق ما تريد رغم كل الظروف؛ لان الاصرار ينمي الإرادة ويقوي العزيمة ونحتاج مع العزيمة إلى الصبر؛ لان الصبر يفتك   باليأس وان التمرن على  الاعمال الشاقة يزرع في الانسان ارادة فولاذية والارادة الفولاذية تصنع النجاح ولا تنس هذه الحقيقة (ان قطرات الماء المتتابعة تحفر اخدودا في الصخر الاصم)

الطموح

الطموح يزرع في الانسان روح المثابرة والجد والاجتهاد كما يحفزه على التفكير الجاد والتخطيط الدقيق  كما يخلق فيه روح الابتكار والابداع  وان الدين  الاسلامي حث المسلم والمسلمة على الطموح  قال رسول الله (صلى الله عليه وال وسلم) (اطلبوا العلم ولو بالصين)وهذا الحديث يدل على ان الطموح والرغبة في التعلم, و ان الطموح مدخل النجاح؛ وذلك لأنه يفجر في الشخص الطاقات والامكانيات  ويدفعه نحو استنفار كل  قواه العقلية والبدنية والنفسية  من اجل تحقيق أهدافه وان الطموح من المقومات الرئيسية في النجاح. يجب علينا ان ننمي الطموح ورفع  مستواه وعلينا دائما التطلع نحو الافضل فالتطلع نحو الافضل ينمي الطموح لدى الفرد. فهو الدافع المهم لبلوغ المراتب العالية في الحياة. وقال النبي صلى الله عليه وال وسلم( لو تعلقت همة احدكم بالثريا لنالها )وايضا يقول الامام علي عليه السلام في هذا السياق (قدر الرجل على قدر همته) فالهمه العالية  تنبت طموحا والطموح ينبت نجاحا باهرا.

النشاط المتواصل

وهو عبارة عن الجهد المستمر الذي يبذله الشخص لإنجاز اعماله وتحقيق اهدافه بالحياة  وهو من اهم المقومات الاساسية للنجاح. لا يمكن  انجاز اي عمل بدون فاعلية وبدون نشاط, فالناجحون في الحياة يتمتعون بطاقة هائلة من النشاط. فالطاقة الموجودة في الانسان هي التي تصنع النجاح وان الله سبحانه وتعالى  يحث على العمل والانتاج وقال تعالى (فاذا قضيت الصلاة فانتشروا في الارض ابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون) فبقدر ما يعمل الانسان ينتج  وبقدر ما ينتج ينجح, فالنجاح لا يتحقق بالأماني والآمال وانما بالمزيد من العمل والمزيد من النشاط والمزيد من الانتاج, وحث الاسلام على  العمل والنشاط وينهى عن الكسل والعجز  قال رسول الله صلى الله عليه وال وسلم0(ان الله يحب العبد المحترف) وايضا (ان الله يبغض العبد  الصحيح الفارغ) وايضا قال الله تعالى (وقل  اعملوا  فسيرى الله عملكم  ورسوله و المؤمنين )

 

الإستشارية علياء الصافي/ مركز الإرشاد الأسري