السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..... أنا طالبةٌ في الثانوية، وكنتُ دائمًا من المتفوقات، ولكن حينما دخلت الثانوية تراجع مستواي جدًّا، والسنة القادمة هي التي ستحدّد مستقبلي، وأنا خائفةٌ جدًّا؛ لأنَّ عندي هدف، وأتمنّى أن أدخل الجامعة التي أتمناها، ولكن خائفة ألا أحقق المعدل الذي أنا أريده, عندي مشاكل نفسية كثيرة، وسببها أهلي لأنهم لا يفهمونني، ولا أعرف إذا كان هذا بقصدهم، أو لأني أتوقع منهم أشياء لكن لا يكونوا مثل ما توقعت, لكن كل الذي أتمنّاه أن أكون جيدة في الدراسة مرة ثانية، وأحقق أحلامي . . .

 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..... عزيزتي : نثني على ثقتك بتفوّقك، ونعلم بأنّ الثّقة بالنّفس هي أساس العطاء القويم والمستقبل الآمن، وهي الدّعامة الرئيسيّة للإرادة التي ترفع الكفاءة وتمدّ الإنسان بالطّاقة، ولن نتجاهل تأثير البيئة على تحصيلك العلمي وتدني مستواك في السّنوات الأخيرة من المرحلة الثّانويّة، ولتحسين القدرة على الأداء فلا بدّ من الاطلاع بدقّة على طبيعة العوامل البيئيّة التي أدّت إلى تراجع مستوى تحصيلك العلمي، رغم قدراتك المتميّزة في السّابق. ثمّ فمن المتعارف عليه بأنّ الأسرة هي البيئة الحاضنة الأولى، وصاحبة الأثر الأكبر في دعم القدرات وتهيئة المناخ المناسب للتّفوّق والتّميّز لتأتي بعدها المدرسة بالدّور التّكميلي الذي لا يمكن تجاوزه كركيزةٍ ثانية للتّربية النّفسيّة التي تقوم عليها سائر التّوجّهات التّعليميّة المصاحبة. ونأتي على المشكلات الرّئيسيّة في استشارتك لنتناولها على النّحو الآتي وحسب الأولويّات التّربويّة:

أولاً: اضطراب البُنية النّفسيّة:

  • الأسباب التي تجعل بنيتك النّفسيّة السّويّة الأساس الذي تقوم عليه سائر معطيات الحياة الأخرى:

1.البُنية النّفسيّة السّوية تشكل قاعدة الكفاءة والاستقلال وسلامة الأداء والإنجاز.

2.تحفظك بعيدًا عن الاضطرابات النّفسيّة مثل: الاكتئاب، والقلق، والتّوتّر الذي بدوره يضعف الأداء ويؤدي إلى تراجع التّحصيل. 3.تؤمن لكِ الرّاحة والطّمأنينة التي تجلب لكِ الاستقرار والسّعادة. 4.تساعدك على التّكيّف الاجتماعي والسّلوكي السّوي، مع البيئة المحيطة.

5.تقدّم لكِ كفاءة وقدرة على إدارة الذّات وحلّ المشكلات واتخاذ القرار.

6.تمنحك الثّقة بالنّفس والقدرة على ضبط الذّات والتفاعل مع الانفعالات بإيجابيّة مما يجعلك أكثر توافقًا مع ذاتك والآخرين من حولك.

7.تساعدك على مواجهة الصّعوبات والمواجهات اليوميّة بكفاءة وثبات.

  • إليك بعض الدّعائم لمواجهة الضّغوط النّفسيّة، وتفهّم ذاتك ومن حولك بدرجة كافية من الوعي والنّضج:

1.عليك تفهّم ذاتك والتّخلّص من الحساسيّة، والنّظر لذاتك ولمن حولك بصورة إيجابيّة.

2.عليك السّيطرة على مشاعرك الدّاخلية اتجاه البيئة المحيطة والاندفاع بإيجابيّة للتّفاعل مع معطيات البيئة .

3.لا بدّ أن تكوني صاحبة قرار في البدء بخطوات جريئة نحو المجتمع فلا يمكن لك العيش بمعزلٍ عنه، فأنتِ بفطرتك جزء منه وبحاجة إلى تواصلك وتفاعلك للاستمرار وتحقيق التّطور من خلال المجموعة وتبادل الخبرات، فالعلم ليس كتابًا وقلمًا وورقة، بل هو شراكة تفاعليّة سويّة بين معطيات كثيرة والمادّة العلميّة جزءًا منها وليست كلّ شيء.

4.اطردي عنك الاهتمام المطلق بالمثاليّة والكمال، بل يتوجّب عليك التّغاضي عن بعض النّقص.

5.لا تجعلي آراء من حولك وكلامهم وانتقاداتهم سبيلاً لإضعاف الطّموح . . .

  • الفائدة التي ستعمّ عليك بعد التّخلّص من الأفكار السّلبيّة حول الذّات والآخرين:

1.صفاء الذّهن.

2.الاستقرار النّفسي والثّبات العاطفي والاتزان.

3.الهدوء، والقدرة على إدارة الوقت.

4.النّجاح والتّفوق وتحقيق الطّموحات. . .

ثانيًا: تدنّي التّحصيل العلمي:

  • تحسين الأداء العلمي ورفع مستوى التّحصيل يعتمد على التّكامل التّالي:

1.الصّحة النّفسيّة السّلوكيّة.

2.الصّحة البدنيّة.

3.الكفاءة الاجتماعيّة.

4.البيئة التّربويّة التّعليميّة الحاضنة.

5.القدرات الذّهنيّة ونسبة الذّكاء.

  • للمساعدة في رفع الكفاءة وتحسين التحصيل العلمي عليك مراعاة ما يلي:

1.يتوجّب عليك خوض خبرات تجريبيّة ناجحة وإيجابيّة لاستعادة ثقتك بنفسك.

2.تنظيم أوقات الدّراسة.

3.تهيئة غرفتك بحيث تشكّل بيئة جاذبة ومساندة على التّعليم. 4.تنويع وسائل الحصول على المعرفة من كتب ومواقع الكترونيّة، ومقالات وتجارب عمليّة.

5.تفعيل الحواس متكاملة في ترسيخ المعلومات.

6.استخدام الخرائط التّعليميّة والمخطّطات لتفصيل وشرح المادّة العلميّة وتلخيصها.

7.لا شك بأنّ 30% من أسباب تدنّي التّحصيل العلمي متعلّقة بضعف مهارات التّذكّر والقدرة على الاحتفاظ بالمعلومات لفترة طويلة المدى، وعليك بتطوير مهارات الذّاكرة ورعايتها لتحسين التّحصيل العلمي وهي: الانتباه والتّركيز. الإدراك والفهم. التّمييز والتّكرار. الحفظ ...

ثالثًا: عليك تجاوز العوامل البيئيّة التّالية بحرفيّة ومن خلال تحصين نفسك بما سبق ذكره؛ لأنّ تأثيرها السّلبي على القدرات من أسباب تراجع التّحصيل العلمي، نوجزها لك مع أساليب التّغلّب عليها:

  • الإحراج والتّهديد من قبل الآخرين، والتّغلّب عليه بالثّقة والإيمان. •عدم الشّعور بالأمن، والتّغلّب عليها من خلال طلب العون والدّعم من الأهل ومصارحتهم بحاجتك النّفسيّة لتواجدهم بفعاليّة.
  • الاستهزاء والسّخريّة أو عدم التّقدير، والتّغلّب عليها برفيع الخلق، وإثبات الكفاءة، والاندماج بالعلاقات.

 

أخيرًا : أشغلي أوقات فراغك بمجالسة الأهل وخلق أجواء مليئة بالودّ والمرح وتبادل الأحاديث الجاذبة، فلا يتوجّب عليك انتظار السّعادة ليقدّمها لك من حولك، بل قدّميها أنتِ لنفسك وللآخرين، واجعليها بداية تجاربك النّاجحة التي سيتم تعميمها على نجاحاتٍ في سائر جوانب حياتك . نسأل الله أن يجعل السّداد والتّوفيق حليفك أينما خطوتِ، إنّه على ذلك لقدير.

 

نور الحسناوي / مركز الارشاد الاسري