"الحياة تصبح مملة إذا كان كل شيء فيها على ما يرام، ومترفة لدرجة إنك لا تحتاج أن تسعى أو تتعب لتعيش, مما يجعلك عاجز عن الإبداع "!

عبارة قرأتها وتوقفت على عتبتها مطولا؛ حيث وجدتها للوهلة الأولى غريبة كوننا نسعى لترف العيش وأحيانا نبدع لنصل إلى ذلك. ثم عدت لأجدني لست بحاجة للاستغراب كون معنى هذه العبارة يتطابق مع قناعتي في مسألة الإبداع لأني أرى أن الإبداع يولد من رحم المعاناة أو يكون نتيجة لظروف صعبة تساعد فيما بعد على إيجاد ذات احدنا في مجال معين.

ألا أننا نجد أنفسنا أحيانا أمام صخرة الانهيار وهذا يحدث بالتزامن مع الوقت الذي نقبل فيه أوضاعنا المتردية على اعتبارها قدراً محتوماً. وفي حال أصبحت قناعتنا بائسه كبؤس ملامحنا في لحظات الألم, لتكون رتابة الأمور جزء من عقيدتنا اليومية في كل تفاصيل حياتنا.

 وقتها تضيق بنا الدنيا وإن وسعت !!

فاليأس من الحاضر والخوف من المستقبل فكيَّ (الفشل) الذي ينتظر لقمة سائغة تُشبع شراهته.. ليحيي في نفوسنا ذاك الوسواس الذي يوقف كل حيوية ونشاط في خبايا عقولنا وتفكيرنا.

فهاجس الفشل إرهاب داخلي يدمر كل حضارات أفكارنا ولا يحتفظ الا بكلمات (الإحباط)

لا استطيع النهوض

لن اتمكن من ترك عاداتي الغذائية الخاطئة

انا لا اقدر أن أصبح مثلهم

لن أنجح

و غيرها من الأمور التي تورث فينا عقد النقص النفسي.

وهذه العبارات تجري على السنتنا دائما حينما نتلقى من الآخرين انتقادات لاذعة لأتفه الأشياء، واحيانا تصل الى حد التجريح بنا دون أدنى سبب. حيث انهم يحاولون ان يقللوا من إمكانية إبداعنا وكتشخيص نفسي واضح لهؤلاء الأشخاص حيث يمكن تعريفهم بأنهم (الفاشلون) حيث يفعلون ذلك بسبب نزعة النقص الداخلي.

فكل شخص من حقه أن يأمل حياة طبيعية ومستقبل أفضل، ولكن من واجبنا أن نعمل من أجل ذلك, وان نجتهد, فلم تنهض امة بشعارات كتبت عند مداخل أبوابها؛ بل بالتخطيط الصائب ورسم الهدف الصحيح وتكرار المحاولات حد أن نتحدث بها مع انفسنا, وبناء سور منيع من الأمل يحيط بمدن افكارنا وان كلفنا ذلك عناء يفوق نشوة النجاح وعلينا أن نتذكر دائماً أن الطريق لتحقيق الآمال؛ هو بالقدرة على تحمل الآلام. فلا شيء يضاهي النجاح عقب الأمل..

إذن فلنبدأ من دواخلنا نغسل قلوبنا بزمزم النقاء وحب الخير للآخرين ونزين جدران القلوب بخضرة الأمل .. ونطبق اجفاننا ونحلم ونتوكل على الله .. فتأخر الإبداع لا يعني عدم حضوره.

 

إيمان كاظم الحجيمي