عشرون عاما قضتها المواطنة زهرة زينب او (سيل في جيرار كونتان ) في البحث بطريق شائك وصعب في دولة تحتجز كل المنافذ المؤدية الى اعتناق ديانة غير سائدة او غير ديانة الاغلبية سيما الديانة الاسلامية، بعد ان ذاقت الهوان من هجمات متطرفة تحمل اسم الاسلام راية وليس غايه، لتسيء ـ مع حركات علمانية او صهيونية متشددة ـ للإسلام، بحثا عن خلاصها من الصعاب والظروف المجتمعية والعائلية  التي تنبذ معتنقو الديانات الاخرى، ولتجد تفسيرا لرؤية كانت تراودها في المنام منذ صغرها، نصها احرف قرآنية تلف حولها، وعنوانها ... اعتنقي دين محمد ابن عبد الله عليه وعلى اله الصلاة والسلام .

هذه المرة، كان لزهرة زينب تواجد في مدينة كربلاء المقدسة ، لتروي عند الضريح المقدس قصتها ونعمة الله عليها في اكتشاف الدين الاسلامي واعتناقه، ليكون ذلك نقطة التحول في حياتها مما صيّرها شخصية اسلامية مهمة وعنصر نسوي ناشط وكفؤ يسجل رقمه بامتياز ضمن الجالية المسلمة المعتدلة في فرنسا .

البداية ، كانت في أوائل عام 1995 ، يوم كانت المشاكل والخلافات الزوجية ترافقها لسنوات طوال ، حتى انها قد أصيبت بحالة شديدة من الاعياء والاكتئاب ولم تجدي معها نفعا كل العقاقير الطبية والجلسات النفسية على ايدي كبار الاطباء في فرنسا فظلت رهينة ازمتها النفسية .

عندها قررت زهرة زينب ان تبحث عن حل لها من ازمة الاكتئاب المستعصية وبدأت بالفعل تتصفح المواقع الالكترونية لتجد عدد كبير من الحالات التي شفيت باسم القران الكريم ، عندها بدأت تردد تلك الآيات التي شخصت على انها تبعث الطمأنينة والاستقرار النفسي لتفاجئ بشعور غريب وتحسن ملحوظ في حالتها النفسية .

كبر بعد ذلك تطلع زهرة زينب ورغبتها في قراءة كتب وتفاسير حول القران الكريم ، رغم ندرتها في فرنسا ، ألا انها قد حصلت عليها عبر مؤلفات مترجمة الى الفرنسية، ليصبح هدفها بعد ذلك هو الاطلاع على المذاهب الاسلامية واحكام كل منها في القضايا التي لها تماس بحياة الفرد ويومياته كالعلائق الزوجية لتصل الى قناعة تامة بضرورة دخولها للإسلام كنتيجة طبيعية لما قرأته عن هذه الديانة السمحاء ومبادئها السامية ورسولها المنادي بالعدل والرحمة .

الوجهة كانت هذه المرة صون المنضمات الاسلامية، إذ اشترط بعضها، ان تحيط نفسها علما وفهما لبعض المسائل والابتلاءات قبل اعلانها الإسلام ، لتجد نفسها أخيرا أمام إحدى المؤسسات الجعفرية في فرنسا .

أنه الملاذ الأخير ... اشهرت زهرة زينب إسلامها ومن ثم دخلت في دورات معمقة بخصوص التعاليم الاسلامية لتصل بعد ذلك الى مرحلة مهمة استطاعت بها ان تكون مسلمة متميزة في مجتمعها الفرنسي الذي أذاقها ذات يوم شتى الاساءات اخرها المقاطعة والهجر سيما بعد اسلامها ، إلا أنها كان تعي بيقين تام ان طريق الحق يبقى آمنا وميسور مهما ملئ بالمصاعب والمعوقات .

لقلب زهرة زينب وجع وآهة ، وهي تعيش واقع حال الجالية المسلمة في فرنسا ودورها في مواجهة الاساءات المتكررة للنبي الاكرم صلى الله عليه واله وسلم بل والدين الاسلامي كمنظومة كاملة ، إذ لا يعلم الكثير من المسلمين في العالم ـ حسب رأيها ـ حقيقة الصراع الديني المتطرف في فرنسا سيما ما تمارسه بعض الجاليات الاسلامية المتطرفة المدعومة من دول عربية معروفة تتبنى التطرف مبدأ ومنهجا لها او تلك التي لها رد فعل طبيعي ونتيجة متوقعة بالضد من الممارسات التعسفية والأعمال العدائية بحقهم في فرنسا ونظامها المبني على فوضى الحرية ، إذ غالبا ما تكون ردة الفعل عنيفة من قبل الطرفين يذهب ضحيتها الابرياء، وهو شيء متوقع كحتمية مجتمعية لغياب القوانين الرادعة لهذا التطرف في ضل ما يسمى بالحرية الشخصية، إذ أن بيئة الحرية تساعد على تأجيج الصراع ودفعه الى اعلى مستوياته وفي كلا الحالتين يمثل ذلك ارهابا دوليا يتصاعد عبر مفاقس المتطرفين المنتشرة في فرنسا وبعض الدول الاوربية .

المستبصرة زهرة زينب تتمتع اليوم بسعادة كبيرة سيما بعد تشرفها بزيارة مرقد ابا الاحرار عليه السلام وحسن الاستقبال الذي تحصلت عليه في كربلاء، وملئ عينها امل جميل بأن يلقى الحائرون مبتغاهم سيما المبتدئين في طريق البحث عن الحقيقة الكامنة في الاسلام ذات ، يلقوا ذات الاهتمام الذي تحصلت هي عليه من قبل المؤسسات الشيعية الجعفرية في فرنسا وكربلاء .

زهرة زينب ... المستبصرة الفرنسية ، تنعم اليوم بكيان اسري اسلامي بعد مخاض طويل في البحث والتحري ، لتكون بعد ذلك أنموذجا اعلاميا واسلاميا متميزا حصدت من خلاله على عشرات الجوائز والشهادات التقديرية تثمينا لها ولجودها الإعلامية والإنسانية ومن دول اوربية واسلامية وعربية .

مآثر طالب