هي السيدة الجليلة شهربانوية بنت يزدجرد بن شهريار بن كسرى ملك الفرس ، ولقبها " شاه زنان " أي ملكة النساء ، وقد سماها أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام " مريم " .

وقد الإرشاد ، سأل أمير المؤمنين صلوات الله عليه شاه زنان بنت كسرى حين أسرت : " ما حفظت عن أبيكِ بعد وقعة الفيل ؟" ، قالت : "حفظت عنه أنه كان يقول : إذا غلب الله على أمر ذلت المطامع دونه ، وإذا انقضت المدة كان الحتف حيلة " ، فقال عليه السلام : " ما أحسن ما قال أبوك ، تذل الأمور للمقادير حتى يكون الحتف في التدبير" .

وقد أُسرت  كانت السيدة شهربانو وجيء بها إلى المدينة مع أخواتها من بنات يزدجرد وكن ثلاث حيث تزوجت الأولى عبدالله بن عمر، فأولدها سالم.

والثانية لمحمد بن أبي بكر، فأولدها القاسم ، في حين كانت هي للإمام الحسين عليه السلام وقد أولدها الإمام علي بن الحسين .

وقد أُسرت في عهد عمر ، وإنه أراد بيعها، فنهاه الإمام علي وقال له: أعرض عليها أن تختار واحداً من المسلمين فاختارت الإمام الحسين بن علي عليه السلام ، فأمره بحفظها والإحسان إليها، فولدت له خير أهل الأرض في زمانه ولم يكن بعض أهل المدينة يرغبون في نكاح الجواري حتى ولد الإمام علي بن الحسين، فرغبوا فيهن .

ابن الخيرتين :

عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال : " لما أقدمت بنت يزدجرد على عمر، أشرف لها عذاري المدينة ، وأشرق المسجد بضوئها لما دخلته ، فلما نظر إليها عمر، غطت وجهها وقالت : " أف بيروج بادا روى هرمز " ، فقال عمر : " أتشتمني هذه وهم بها " فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) : ليس ذلك لك، خيّرها رجلاً من المسلمين واحسبها بفيئه ، فخيرها، فاختارت الإمام الحسين عليه السلام ، فقال لها أمير المؤمنين : " ما اسمك؟ " فقالت : " جهان شاه " ، فقال لها أمير المؤمنين : " بل شهربانويه " ، ثم قال للإمام الحسين عليه السلام : " يا أبا عبدالله ، لتلدن لك منها خير أهل الأرض ، فولدت الإمام علي بن الحسين عليهما السلام ، وكان يقال للإمام علي بن الحسين ، أبن الخيرتين ، فخيرة الله من العرب هاشم ، ومن العجم فارس .

الرسول صلى الله عليه وآله يخطبها في عالم الرؤيا ..

ورد في بعض الأخبار أنها ـــ شاه زنان ـــ قامت ووضعت يدها على منكب الإمام الحسين عليه السلام، كأنها كانت تعرفه ورأته في منامها، كما حكت قصتها لأمير المؤمنين عليه السلام ، فقالت : " رأيت في النوم قبل ورود عسكر المسلمين علينا ؛ كأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله ؛ دخل دارنا وقعد ومعه الإمام الحسين عليه السلام ، وخطبني له وزوجني أبي منه ، فلما أصبحت ، كان ذلك يؤثر في قلبي ، وما كان لي خاطب غير هذا ، فلما كانت الليلة الثانية ، رأيت السيدة فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله وقد أتتني وعرضت علي الإسلام وأسلمتُ " ، ثم قالت : " إن الغلبة تكون للمسلمين ، وأنكِ تصلين عن قريب إلى أبني الحسين سالمة لا يصيبك بسوء أحد ، وكان من الحال أن أُخرجت إلى المدينة " .

المولود المبارك ...

حملت السيدة شاه زنان عليها السلام بالإمام علي بن الحسين وكان مولده سنة ثمان وثلاثين من الهجرة ، وقد أنشأ أبو الأسود في وصف الإمام علي بن الحسين عليه السلام فقال:

 وإن غلاماً بين كسرى وهاشم     لأكرم من نيطت عليه التمائم

عاش الإمام مع جده أمير المؤمنين سنتين، ومع عمه الإمام الحسن اثنتي عشر سنة، ومع أبيه ثلاثاً وعشرين سنة ، وقد عاش بعد أبيه أربعاً وثلاثين سنة ، وتوفي بالسم في المدينة المنورة سنة خمس وتسعين من الهجرة ، وله يومئذ سبع وخمسون سنة ، وكانت إمامته أربعاً وثلاثين سنة ، ودفن في البقيع مع عمه الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، وهدم الوهابيون قبره كباقي قبور أئمة البقيع .

احتراماً للأم ...

ورد أنه قيل لعلي بن الحسين عليهما السلام : " إنك من أبر الناس ، ولا تأكل مع أمك ( يرى البعض أن أم الإمام توفيت في نفاسها، والمقصود بالأم في هذه الرواية التي أرضعته وربته ) في قصعة ؟ وهي تريد ذلك ؟ " فقال : " أكره أن تسبق يدي إلى ما سبقت إليه عينها فأكون عاقاً " ، فكان يغطي الغضارة بطبق ويدخل يده من تحت الطبق ويأكل .

وفاتها ...

قيل إن السيدة شهربانو ماتت في نفاسها ، أي حين ولادتها للإمام زين العابدين عليه السلام فكفلته بعض أُمهات ولد أبيه، فكان يحسن إليها كما يحسن إلى والدته ، وكان الناس يسمونها أمه .

نور المياحي