ننزل الى التفاصيل أو ما يعتبر من وجهة نظرنا تفاصيل ، أو أجزاء تشكل الكل باعتبار أنه تقسيم فني لا غير، لو أننا ملكنا استدعاء الواقع أو على الأقل استدعاء صوره ، كما هو أو كما نتصور ونتخيل ، ولكن لا يسبقن الى الخاطر، أننا نرمي الى بناء واقع ذهني، أو عالم عقلي مجرد، لا يفيدنا علماً، ولا يرفدنا بحكمة ، قد لا يكفي هذا لإستحصال إدراك محيط ومستوعب، ولكنه يقرب كمعطى ليس له بديل، وكخيار متاح ، وعلى هذا المهاد، أو على هذا المنوال ، ننتقل الى ذلك العالم ، ونندفع الى ذلك الفضاء ، ونندك ونحشر في شبكة علاقاته، وهي غضة طرية، ونستيقظ وننهض على تركيبه، أو تراتبه وهرميته، وماهية أعيانه ونخبه، وطبيعة حركته ونشاطه، وخصائص محفزاته ، المادية والمعنوية ، والوازن أو الراجح فيهما ، والتوازن بين الفرد والجماعة، وهوية العلاقة بين الجماعة ونخبها، وبينها وبين قدوتها ورمزها ، وكيف تدار الحياة ، وتصنع المكاسب والإنجازات، وتحرز الانتصارات، كيف ينشئ الفرد ؟ أو يهذب ويصقل ، أو يقوم ويهيئ وهو مادة خام ، أو شيء غفل ، ليؤهل للدخول في الجماعة، وحجز مكان ودور في علاقاتها، ونشاطاتها، وكيف يُشْرَفُ على الجماعة من علٍ ؟، وتُرَاقَبْ لتتعهد وترعى، ولتنتقد وتصوب ولتُحْرَصْ كل الحرص سلامة علاقاتها، ونجاعة جهدها المشترك، وجدوى فاعليتها، وتواتر اتساقها، وديمومته، أو على الأقل بمقدار معتبر، وبوتيرة مقبولة ، أين نجد السيدة فاطمة عليها أفضل الصلاة والسلام ؟ في هذه التراكيب المعقدة، وفي خضم هذه العوامل والعناصر، المتداخلة والمتشابكة على نحو معجز، أو على شاكلة محيرة، أكيد في القلب، والمركز، وفي السطح، والواجهة، في عقد العلاقات، وفي مفاصل التراكيب ، أو البنى ، وفي الهرم، وفي القاعدة، وفي الدوافع،  وفي الحوافز، وفي الوسائل، وفي الأهداف والمرامي، روح تستمد من الأب، وتسري في الزوج ، وتغذي الأبناء، وتتشابك مع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تسطع كالشمس، وتمد أشعتها الى الكل، الصغير والكبير، البسيط والوجيه، الى عامة الناس وأغمارهم ، والى علية القوم وأسيادهم، ويفوح أريج عبادتها، فيصافح الأنوف، ويسري الى الدواخل، ويهب نسيم صدقها البليل، فينعش وينشط، وينبه ويوقظ ، ويعصف ريح غضبها المعتصم بالعدل والحق، فيطيح بالشم الرواسي، ويفت صدودها واعتراضها، في الوقت الحرج والمناسب، فيلجم ويكبت من تجاوز حد الأدب ، وجار على النسب ، والعصمة ، والولاية ، والوصية ، وأما تصميمها وحسمها فلا يرد، ولا يقبل التسوية ، وأنصاف الحلول .

محمد الفاضل حمادوش