كشفت الأحداث الوطنية في الآونة الأخيرة التي شهدتها الساحة الافتراضية على هامش انتفاضة العراقيين المناهضة للفساد على تناقض الآراء في شبكات التواصل الاجتماعي, لدرجة لم نكن نتوقعها وذلك بسبب عامل التأثير المباشر على الفكر الجمعي.. لاسيما وإن هذه الفترة الحرجة من تاريخ العراق أدت إلى تلكؤ بالمقدرة على التفكير والتحليل بالتزامن مع هبوط العامل النفسي إلى أدنى مستوياته بسبب تزايد عدد الشهداء وغياب الأمان في بعض المحافظات العراقية... ولهذا السبب علينا أن نُدرك أهمية أن يكون لنا احتياطياً كافياً من الوعي لمواجهة هكذا ظروف صعبة.

تقييم الأحداث وتحليلها لم يعد حكراً على المثقفين أو اصحاب الاختصاص لأننا نتشارك في ربح قضية واحدة, ومن هذا المفهوم علينا أن نتوخى الحذر قبل أن نصدق ونتداول أي سلعة خبرية معروضة في السوق الرقمي, إذ يترتب على ذلك مجموعة من التأثيرات السلبية التي تقودنا إلى الوراء, وعلينا أن لا نكون وسطاً ناقلاً لأي معلومة مجهولة المصدر, أو أي فكرة تعبر عن الحق ويُراد بها الباطل, أو إشاعة من شأنها تحريف الانتباه عن هدف معين وتشتيته إلى مجموعة أخرى من الأهداف المخالفة لمنهجنا, أو نشر حقيقة لا ينبغي نشرها في حال رافق وصولها إلى أكبر عدد من الناس نتائجاً سلبية وليس العكس, وغيرها من التأثيرات التي حتماً لو كنا نمتلك الوعي الكافي لعرفنا الأسلوب الصحيح للتعامل مع فوضى شبكات التواصل التي باتت تحرك الواقع بشكل غريب, ولعل أكبر دليل على ذلك هو الحراك الوطني الذي شهده العراق مؤخراً ما هو إلا نتيجة تحشيد المشاعر والأفكار عبر تطبيق الفيس بوك وتبعاته الإيجابية على ارض الواقع من خلال التظاهر السلمي للمطالبة بالحقوق المشروعة, وممارسة الديمقراطية بشكلها الطبيعي, وفي نفس الوقت أدى الفيس بوك دوراً سلبياً من خلال بث الدعاية والبروباغاندا لإنهاء الطابع السلمي وبالتالي قتل الانتفاضة, وعليه فإننا نشترك بمسؤولية موحدة وهي أن نؤمن لأنفسنا ما يلزمنا من الوعي الحقيقي وما ندخره على شكل احتياطي للأزمات.

إيمان كاظم