كمن يعوم في بحر وهو لا يجيد السباحة!

هو ذلك العالم الافتراضي الذي يقود الكثير للغرق في غياهب محيطه الواسع, دون ان يمسك بتروسٍ قوية تجنبه الغرق في تطبيقاته التي لا تخلو من العواقب.

ولهذا يقع بعض مستخدميه في شراك الازدواجية, اذ يعبر الشخص من خلاله ما يفتقد أكثر مما يمتلك.

وذلك لوجود فضاء رحب مثل الفضاء الالكتروني مقارنةً مع ظل الفضاء الضيق الذي نعيشه في الواقع.

لذا علينا فصل العالم الافتراضي عن العالم الواقعي فليس بالضرورة ان يطابق محتوى المنشور مع الواقع المعاش، فمن ينشر عن السعادة لا يعني أنه يحلق في سماواتها، ومن ينشر عن الحزن لا يعني أنه غارقٌ في ظلماته, من ينشر عن الحب لا يعني أنه متيمُ القلب، ومن ينشر صورة لكتاب ليس بالضرورة مدمن للقراءة.

لهذا نجد ان العالم الافتراضي اعطى للكثيرين مجالا للطرح, ومشاركة الأفكار المفيدة منها وذات هدف, او منفعة, أو متعه على الأقل لمتلقيه.

ولو قارنا الحسابات الافتراضية مع شخصيات مستخدميها في أرض الواقع, سنجد تباين واضح وهذا طبيعي, والسبب وراء ذلك ان طبيعة الانسان الذي نعرفه وجها لوجه او ما يظهره لنا بالمعايشة هو ما عليه فعلا, اما في العالم الافتراضي يصنع حسابه بالمحتوى الذي يرغب بإظهاره فقط للناس، لذا غالبا لا يتساوى المحتويان على حقيقة واحدة لنفس الشخص الا بصورة نسبية, فنجد منهم  من يشارك بمحتوى متنوع يعكس شخصيته, وهناك من يستخدم أسماء وهويات مستعارة ليكون شخصية تنفصل تماماً عن حقيقته.

إن اغلب من يعيشون  وسط هذا التناقض هم أشخاص يفتقدون الثقة بالنفس, ويستنكرون لحقيقة ذواتهم، أو لأنهم مهمشين في الواقع لضعف شخصيتهم  في دائرة الأهل, والأصدقاء, لهذا وجدوا ان العالم الافتراضي اتاح  لهم الحرية بالإفصاح عما في جعبتهم, فتعاملوا معه دون رقابة نفسية يمكن ان تقودهم للهوس او لتصديق ما افتعلوه في قوقعة وهم ذلك العالم. ومن كل هذا نصل الى حقيقة واحدة لا فصال عليها بان الانسان الواضح والصادق مع نفسه، سيكون صادقاً وواضحاً مع الآخرين, سواء في الواقع الافتراضي او الحقيقي.

حنين كريم